كسابقه قياس استثنائي ومن أردء المغالطة. وقد غلط القائل في معنى التدوين، فإن معناه الكشف التفصيلي عن قواعد معلولة للانسان بالفطرة إجمالا لا أن معنى التدوين هو الايجاد.
3 - وقول بعضهم: " إن هذه الأصول إنما روجت بين الناس لسد باب أهل البيت أو لصرف الناس عن اتباع الكتاب والسنة فيجب على المسلمين اجتنابها " وهذا كلام منحل إلى أقيسة اقترانية واستثنائية. ولم يتفطن المستدل به أن تسوية طريق لغرض فاسد أو سلوكه لغاية غير محمودة لا ينافي استقامته في نفسه كالسيف يقتل به المظلوم، وكالدين يستعمل لغير مرضاة الله سبحانه.
4 - وقول بعضهم:
إن السلوك العقلي ربما انتهى بسالكه إلى ما يخالف صريح الكتاب والسنة كما نرى من آراء كثير من المتفلسفين " وهذا قياس اقتراني مؤلف غولط فيه من جهة أن هذا المنهى ليس هو شكل القياس ولا مادة بديهية بل مادة فاسدة غريبة داخلت المواد الصحيحة.
وقول بعضهم: " المنطق إنما يتكفل تمييز الشكل المنتج من الشكل الفاسد وأما المواد فليس فيها قانون يعصم الانسان من الخطأ فيها ولا يؤمن الوقوع في الخطأ لو راجعنا غير أهل العصمة، فالمتعين هو الرجوع إليهم " وفيه مغالطة من جهة أنه سيق لبيان حجية أخبار الآحاد أو مجموع الآحاد والظواهر الظنية من الكتاب، ومن المعلوم أن الاعتصام بعصمة أهل العصمة عليهما السلام إنما يحصل فيما أيقنا من كلامهم بصدوره والمراد منه معا يقينا صادقا، وأنى يحصل ذلك في أخبار الآحاد التي هي ظنية صدورا ودلالة؟ وكذا في كل ما دلالته ظنية وإذا كان المناط في الاعتصام هو المادة اليقينية فما الفرق بين المادة اليقينية المأخوذة من كلامهم والمادة اليقينية المأخوذة من المقدمات العقلية؟ واعتبار الهيئة مع ذلك على حاله.
وقولهم: " لا يحصل لنا اليقين بالمواد العقلية بعد هذه الاشتباهات كلها " فيه: أولا أنه مكابرة. وثانيا: أن هذا الكلام بعينه مقدمة عقلية يراد استعمالها يقينية، والكلام مشتمل على الهيئة.