(بحث روائي) في الدر المنثور في قوله تعالى: " يسألونك ما ذا أحل لهم " (الآية) أخرج ابن جرير عن عكرمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب فقتل حتى بلغ العوالي، فدخل عاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويم بن ساعدة فقالوا: ما ذا أحل لنا يا رسول الله؟ فنزلت: " يسألونك ما ذا أحل لهم " (الآية).
وفيه: أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب قالوا: يا رسول الله ما ذا أحل لنا من هذه الأمة؟ فنزلت: " يسألونك ماذا أحل لهم " (الآية).
أقول: الروايتان يشرح بعضهما بعضا، فالمراد السؤال عما يحل لهم من الكلاب من حيث اتخاذها واستعمالها في مآرب مختلفة كالصيد ونحوه، وقوله تعالى: " يسألونك ما ذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات " لا يلائم هذا المعنى لتقيدها وإطلاق الآية.
على أن ظاهر الروايتين والرواية الآتية أن قوله: " وما علمتم من الجوارح معطوف على موضع الطيبات، والمعنى: وأحل لكم ما علمتم، ولذلك التزم جمع من المفسرين على تقدير ما فيه كما تقدم، وقد تقدم أن الظاهر كون قوله: " وما علمتم " شرطا جزاؤه قوله: " فكلوا مما أمسكن عليكم ".
والمراد بالأمة المسؤول عنها في الرواية نوع الكلاب على ما تفسره الرواية الآية.
وفيه: أخرج الفاريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم - وصححه - والبيهقي في سننه عن أبي رافع قال: جاء جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فاخذ رداءه فخرج فقال: قد أذنا لك، قال: أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو.
قال أبو رافع: فأمرني أن أقتل كل كلب بالمدينة ففعلت، وجاء الناس فقالوا:
يا رسول الله ما ذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل