تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ١٩٨
ونظيره الرواية بوجه رواية أخرى رواها أيضا في الدر المنثور عن أحمد عن علقمة ابن عبد الله المزني قال: حدثني رجل قال: كنت في مجلس عمر بن الخطاب فقال عمر لرجل من القوم: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الاسلام؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الاسلام بدئ جذعا ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سدسيا ثم بازلا. قال عمر: فما بعد البزول إلا النقصان.
فهذه الروايات - كما ترى - تروم بيان أن معنى نزول الآية يوم عرفة إلفات نظر الناس إلى ما كانوا يشاهدونه من ظهور أمر الدين واستقلاله بمكة في الموسم، وتفسير إكمال الدين وإتمام النعمة بصفاء جو مكة ومحوضة الامر للمسلمين يومئذ فلا دين يعبد به يومئذ هناك إلا دينهم من غير أن يخشوا أعداءهم ويتحذروا منهم.
وبعبارة أخرى المراد بكمال الدين وتمام النعمة كمال ما بأيديهم يعملون به من غير أن يختلط بهم أعداؤهم أو يكلفوا بالتحذر منهم دون الدين بمعنى الشريعة المجعولة عند الله من المعارف والاحكام، وكذا المراد بالاسلام ظاهر الاسلام الموجود بأيديهم في مقام العمل.
وإن شئت فقل: المراد بالدين صورة الدين المشهودة من أعمالهم، وكذا في الاسلام، فان هذا المعنى هو الذي يقبل الانتقاص بعد الازدياد.
وأما كليات المعارف والاحكام المشرعة من الله فلا يقبل الانتقاص بعد الازدياد الذي يشير إليه قوله في الرواية: " إنه لم يكمل شئ قط إلا نقص " فإن ذلك سنة كونية تجرى أيضا في التاريخ والاجتماع بتبع الكون، وأما الدين فإنه غير محكوم بأمثال هذه السنن والنواميس إلا عند من قال: إن الدين سنة اجتماعية متطورة متغيرة كسائر السنن الاجتماعية.
إذا عرفت ذلك علمت أنه يرد عليه أولا: أن ما ذكر من معنى كمال الدين لا يصدق عليه قوله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم " وقد مر بيانه.
وثانيا: أنه كيف يمكن ان يعد الله سبحانه الدين بصورته التي كان يترائى عليها كاملا وينسبه إلى نفسه امتنانا بمجرد خلو الأرض من ظاهر المشركين، وكون المجتمع على ظاهر الاسلام فارغا من أعدائهم المشركين، وفيهم من هو أشد من المشركين إضرارا وإفسادا، وهم المنافقون على ما كانوا عليه من المجتمعات السرية والتسرب في داخل المسلمين، وإفساد الحال، وتقليب الأمور، والدس في الدين، وإلقاء الشبه، فقد كان لهم نبأ عظيم
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 5
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 9
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 31
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 51
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 78
6 سورة المائدة 156
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 158
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 183
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 184
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 187
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 254
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 271
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 308
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 323
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 350
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 377
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 390