دون جميعه.
وفي تكرار لفظ الحج ثلاث مرات في الآية على أنه من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر لطف الايجاز فإن المراد بالحج الأول زمان الحج وبالحج الثاني نفس العمل وبالثالث زمانه ومكانه، ولولا الاظهار لم يكن بد من إطناب غير لازم كما قيل.
وفرض الحج جعله فرضا على نفسه بالشروع فيه لقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله الآية، والرفث كما مر مطلق التصريح بما يكنى عنه، والفسوق هو الخروج عن الطاعة، والجدال المراء في الكلام، لكن السنة فسرت الرفث بالجماع، والفسوق، بالكذب، والجدال بقول لا والله وبلى والله.
قوله تعالى: وما تفعلوا من خير يعلمه الله، تذكرة بأن الأعمال غير غائبة عنه تعالى، ودعوة إلى التقوى لئلا يفقد المشتغل بطاعة الله روح الحضور ومعنى العمل، وهذا دأب القرآن يبين أصول المعارف ويقص القصص ويذكر الشرائع ويشفع البيان في جميعها بالعظة والوصية لئلا يفارق العلم، العمل فان العلم من غير عمل لا قيمة له في الاسلام، ولذلك ختم هذه الدعوة بقوله: واتقوني يا أولي الألباب، بالعدول من الغيبة إلى التكلم الذي يدل على كمال الاهتمام والاقتراب والتعين.
قوله تعالى: ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم، هو نظير قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) إلى أن قال: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) الجمعة - 10 فبدل البيع بالابتغاء من فضل الله فهو هو، ولذلك فسرت السنة الابتغاء من الفضل في هذه الآية من البيع فدلت الآية على إباحة البيع أثناء الحج.
قوله تعالى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام، الإفاضة هي الصدور عن المكان جماعة فهي تدل على وقوف عرفات كما تدل على الوقوف بالمشعر الحرام، وهي المزدلفة.
قوله تعالى: واذكروه كما هديكم (الخ) أي واذكروه ذكرا يماثل هدايته إياكم وانكم كنتم من قبل هدايته إياكم لمن الضالين.