الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) الروم - 30، فإقامته والتحفظ عليه أهم حقوق الانسانية المشروعة كما قال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) الشورى - 13، ثم يذكر أن الدفاع عن هذا الحق الفطري المشروع حق آخر فطري، قال تعالى:
(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) الحج - 40، فبين أن قيام دين التوحيد على ساقه وحياة ذكره منوط بالدفاع، ونظيره قوله تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) البقرة - 251، وقال تعالى في ضمن آيات القتال من سورة الأنفال: (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) الأنفال - 8، ثم قال تعالى: بعد عدة آيات: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) الأنفال - 24، فسمى الجهاد والقتال الذي يدعى له المؤمنون محييا لهم، ومعناه أن القتال سواء كان بعنوان الدفاع عن المسلمين أو عن بيضة الاسلام أو كان قتالا ابتدائيا كل ذلك بالحقيقة دفاع عن حق الانسانية في حياتها ففي الشرك بالله سبحانه هلاك الانسانية وموت الفطرة، وفي القتال وهو دفاع عن حقها إعادة لحياتها وإحيائها بعد الموت.
ومن هناك يستشعر الفطن اللبيب: إنه ينبغي أن يكون للاسلام حكم دفاعي في تطهير الأرض من لوث مطلق الشرك وإخلاص الايمان لله سبحانه وتعالى فان هذا القتال الذي تذكره الآيات المذكورة إنما هو لإماتة الشرك الظاهر من الوثنية، أو لاعلاء كلمة الحق على كلمة أهل الكتاب بحملهم على اعطاء الجزية، مع أن آية القتال معهم تتضمن أنهم لا يؤمنون بالله ورسوله ولا يدينون دين الحق فهم وان كانوا على التوحيد لكنهم مشركون بالحقيقة مستبطنون ذلك، والدفاع عن حق الانسانية الفطري يوجب حملهم على الدين الحق.
والقرآن وإن لم يشتمل من هذا الحكم على أمر صريح لكنه يبوح بالوعد بيوم للمؤمنين على أعدائهم لا يتم أمره إلا بانجاز الامر بهذه المرتبة، من القتال وهو القتال لإقامة الاخلاص في التوحيد، قال تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق