تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢ - الصفحة ٤١٧
قوله تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله، تفريع على قوله: وأحل الله البيع " الخ "، والكلام غير مقيد بالربا، فهو حكم كلي وضع في مورد جزئي للدلالة على كونه مصداقا من مصاديقه يلحقه حكمه، والمعنى:
ان ما ذكرناه لكم في أمر الربا موعظة جائتكم من ربكم ومن جائه موعظة " الخ " فان انتهيتم فلكم ما سلف وأمركم إلى الله.
ومن هنا يظهر: ان المراد من مجئ الموعظة بلوغ الحكم الذي شرعه الله تعالى، ومن الانتهاء التوبة وترك الفعل المنهي عنه انتهاءا عن نهيه تعالى: ومن كون ما سلف لهم عدم انعطاف الحكم وشموله لما قبل زمان بلوغه، ومن قوله: فله ما سلف وأمره إلى الله، انه لا يتحتم عليهم العذاب الخالد الذي يدل عليه قوله: ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، فهم منتفعون فيما أسلفوا بالتخلص من هذه المهلكة، ويبقى عليهم: ان أمرهم إلى الله فربما اطلقهم في بعض الأحكام، وربما وضع عليهم ما يتدارك به ما فوتوه.
واعلم: ان أمر الآية عجيب، فان قوله: فمن جائه موعظة إلى آخر الآية مع ما يشتمل عليه من التسهيل والتشديد حكم غير خاص بالربا، بل عام يشمل جميع الكبائر الموبقة، والقوم قد قصروا في البحث عن معناها حيث اقتصروا بالبحث عن مورد الربا خاصة من حيث العفو عما سلف منه، ورجوع الامر إلى الله فيمن انتهى، وخلود العذاب لمن عاد إليه بعد مجئ الموعظة، هذا كله مع ما تراه من العموم في الآية.
إذا علمت هذا ظهر لك: ان قوله: فله ما سلف وأمره إلى الله لا يفيد الا معنى مبهما يتعين بتعين المعصية التي جاء فيها الموعظة ويختلف باختلافها، فالمعنى: ان من انتهى عن موعظة جائته فالذي تقدم منه من المعصية سواء كان في حقوق الله أو في حقوق الناس فإنه لا يؤاخذ بعينها لكنه لا يوجب تخلصه من تبعاته أيضا كما تخلص من أصله من حيث صدوره، بل أمره فيه إلى الله، ان شاء وضع فيها تبعة كقضاء الصلاة الفائتة والصوم المنقوض وموارد الحدود والتعزيرات ورد المال المحفوظ المأخوذ غصبا أو ربا وغير ذلك مع العفو عن أصل الجرائم بالتوبة والانتهاء، وان شاء عفى عن الذنب ولم يضع عليه تبعة بعد التوبة كالمشرك إذا تاب عن شركه ومن عصى بنحو شرب
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة البقرة 4
2 (183 - 185) كلام في نزول القرآن في شهر رمضان، وفي ليلة القدر مع نزوله نجوما. (بحث قرآني) 15
3 (186) كلام في معنى الدعاء. (بحث قرآني) 30
4 (188) في أن المالكية من الأصول الثابتة الاجتماعية. (بحث علمي اجتماعي) 53
5 (190 - 195) الجهاد الذي يأمر به القرآن. (بحث قرآني) 64
6 (190 - 195) في لزوم الدفاع في المجتمع. (بحث اجتماعي) 69
7 (196 - 203) في متعة الحج وعموم تشريعها. (بحث روائي) 87
8 (208 - 210) في الرجعة ودفع شبهة المنكرين لها. (بحث روائي فلسفي) 106
9 (213) فيما يفيده القرآن في حقيقة الانسان وتاريخ نوعه. (بحث قرآني) 111 (213) بدء تكوين الانسان. (بحث قرآني) 112
10 (213) تركبه من روح وبدن. (بحث قرآني) 113
11 (213) شعوره الحقيقي وارتباطه بالأشياء. (بحث قرآني) 113
12 (213) علومه العملية. (بحث قرآني) 114
13 (213) جريه على استخدام غيره انتفاعا. (بحث قرآني) 116
14 (213) كونه مدنيا بالطبع. (بحث قرآني) 117
15 (213) حدوث الاختلاف بين أفراد الانسان. (بحث قرآني) 118
16 (213) رفع الاختلاف في الدين. (بحث قرآني) 120
17 (213) الاختلاف في نفس الدين. (بحث قرآني) 122
18 (213) الانسان بعد الدنيا. (بحث قرآني) 122
19 (213) في النظريات الدينية التي يستفاد من الآية وهي سبعة. والدليل المستفاد منها على النبوة العامة (بحث قرآني) 130
20 (213) كلام في عصمة الأنبياء. (بحث قرآني) 134
21 (213) كلام في النبوة. (بحث قرآني) 139
22 (213) أيضا في النبوة. (بحث فلسفي) 147
23 سورة البقرة أيضا في النبوة. (بحث اجتماعي) 149
24 (216 - 218) كلام في الحبط. (بحث قرآني) 167
25 (216 - 218) كلام في أحكام الأعمال من حيث الجزاء. (بحث علمي) 172
26 (216 - 218) من أحكام الأعمال تأثير بعضها في بعض. (بحث علمي) 173
27 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أنها محفوظة متجسمة. (بحث علمي) 180
28 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن بينها وبين الحوادث ارتباطا. (بحث علمي) 180
29 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الغلبة للحسنة على السيئة. (بحث علمي) 185
30 (216 - 218) ومن أحكام الأعمال أن الحسنة مطابقة لحكم العقل. (بحث علمي) 188
31 (224 - 227) كلام في معنى القلب في القرآن. (بحث قرآني) 223
32 (228 - 242) ألفاظ العلم والادراك في القرآن. (بحث قرآني) 247
33 (228 - 242) المرأة في الاسلام. (بحث علمي) 260
34 (228 - 242) حياة المرأة في الأمم الغير المتمدنة. (بحث علمي) 261
35 (228 - 242) في النكاح والطلاق. (بحث علمي) 277
36 (244 - 254) كلام في معنى السكينة. (بحث قرآني) 289
37 (244 - 254) بحث في تنازع البقاء، والانتخاب الطبيعي. (بحث علمي اجتماعي) 300
38 (253 - 254) كلام في معنى الكلام. (بحث قرآني) 314
39 (253 - 254) أيضا في ذلك. (بحث فلسفي) 325
40 (255) في معنى الحياة، وحياته تعالى. (بحث قرآني) 329
41 (255) في معنى القيام على الامر، وقيوميته تعالى. (بحث قرآني) 330
42 (256 - 257) في نفى الاكراه في الدين. (بحث قرآني) 342
43 (258 - 260) كلام في الاحسان وهدايته والظلم وإضلاله. (بحث قرآني) 356
44 (261 - 274) كلام في الانفاق. (بحث قرآني) 383
45 (275 - 281) في الربا. (بحث علمي) 428
46 (275 - 281) بحث آخر فيه. (بحث علمي) 431