الصادق عليه السلام، قال: ان إبراهيم نظر إلى جيفة على ساحل البحر تأكلها سباع البحر، ثم يثب السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا، فتعجب إبراهيم فقال: يا رب أرني كيف تحيي الموتى؟ فقال أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال:
فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزئا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم، فأخذ إبراهيم الطاووس والديك والحمام والغراب، فقال الله عز وجل: فصرهن إليك أي قطعهن ثم اخلط لحمهن، وفرقهن على عشرة جبال، ثم دعاهن فقال: أحيى بأذن الله فكانت تجتمع وتتألف لحم واحد وعظمه إلى رأسه، فطارت إلى إبراهيم، فعند ذلك قال إبراهيم ان الله عزيز حكيم.
أقول: وروي هذا المعنى العياشي في تفسيره عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام، وروي من طرق أهل السنة عن ابن عباس.
قوله: ان إبراهيم نظر إلى جيفة إلى قوله فقال: يا رب أرني الخ، بيان للشبهة التي دعته إلى السؤال وهى تفرق اجزاء الجسد بعد الموت تفرقا يؤدي إلى تغيرها وانتقالها إلى أمكنة وحالات متنوعة لا يبقى معها من الأصل شئ.
فإن قلت: ظاهر الرواية: ان الشبهة كانت هي شبهة الآكل والمأكول، حيث اشتملت على وثوب بعضها على بعض، وأكل بعضها بعضا، ثم فرعت على ذلك تعجب إبراهيم وسؤاله.
قلت: الشبهة شبهتان - إحديهما - تفرق أجزاء الجسد وفناء أصلها من الصور والاعراض وبالجملة عدم بقائها حتى تتميز وتركبها الحياة - وثانيتهما - صيرورة أجزاء بعض الحيوان جزء من بدن بعض آخر فيؤدي إلى استحالة احياء الحيوانين ببدنيهما تأمين معا لأن المفروض ان بعض بدن أحدهما بعينه بعض لبدن الآخر، فكل واحد منهما أعيد تاما بقي الآخر ناقصا لا يقبل الإعادة، وهذه هي شبهة الآكل والمأكول.
وما أجاب الله سبحانه به - وهو تبعية البدن للروح - وان كان وافيا لدفع الشبهتين جميعا، الا ان الذي أمر به إبراهيم على ما تحكيه الآية لا يتضمن مادة شبهة الآكل والمأكول، وهو أكل بعض الحيوان بعضا، بل انما تشتمل على تفرق الاجزاء واختلاطها وتغير صورها وحالاتها، وهذه مادة الشبهة الأولى، فالآية انما تتعرض لدفعها وان