قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مأة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شئ قدير - 259. وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم أجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم - 260.
(بيان) الآيات مشتملة على معنى التوحيد ولذلك كانت غير خالية عن الارتباط بما قبلها من الآيات فمن المحتمل أن تكون نازلة معها.
قوله تعالى: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه، المحاجة إلقاء الحجة قبال الحجة لاثبات المدعي أو لابطال ما يقابله، واصل الحجة هو القصد، غلب استعماله فيما يقصد به اثبات دعوى من الدعاوي، وقوله: في ربه متعلق بحاج، والضمير لإبراهيم كما يشعر به قوله تعالى فيما بعد: قال إبراهيم ربي الذي يحيى ويميت، وهذا الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه هو الملك الذي كان يعاصره وهو نمرود من ملوك بابل على ما يذكره التاريخ والرواية.
وبالتأمل في سياق الآية، والذي جرى عليه الامر عند الناس ولا يزال يجري عليه يعلم معنى هذه المحاجة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية، والموضوع الذي وقعت فيه محاجتهما.
بيان ذلك: ان الانسان لا يزال خاضعا بحسب الفطرة للقوى المستعلية عليه، المؤثرة فيه، وهذا مما لا يرتاب فيه الباحث عن أطوار الأمم الخالية المتأمل في