مما لا قدر له ولا حد، وسيجئ شرح فقرات الرواية في الكلام على قوله تعالى: " إن ربكم الله الذي خلق السماوات " الأعراف - 54، وقوله عليه السلام: وبمثل صرف العلماء، إشارة إلى أن هذه الألفاظ من العرش والكرسي ونظائرها أمثال مصرفة مضروبة للناس وما يعقلها إلا العالمون.
وفي الاحتجاج عن الصادق عليه السلام: في حديث: كل شئ خلق الله في جوف الكرسي خلا عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي.
أقول: وقد تقدم توضيح معناه، وهو الموافق لسائر الروايات، فما وقع في بعض الاخبار ان العرش هو العلم الذي اطلع الله عليه أنبيائه ورسله، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع عليه أحدا كما رواه الصدوق عن المفضل عن الصادق عليه السلام كأنه من وهم الراوي بتبديل موضعي اللفظين أعني العرش والكرسي، أو انه مطروح كالرواية المنسوبة إلى زينب العطارة.
وفي تفسير العياشي عن علي عليه السلام قال: ان السماء والأرض وما بينهما من خلق مخلوق في جوف الكرسي، وله أربعة أملاك يحملونه بأمر الله.
أقول: ورواه الصدوق عن الأصبغ بن نباتة عنه عليه السلام، ولم يرو عنهم عليهم السلام للكرسي حملة الا في هذه الرواية، بل الاخبار انما تثبت الحملة للعرش وفقا لكتاب الله تعالى كما قال: " الذين يحملون العرش ومن حوله الآية " المؤمن - 7، وقال تعالى، " يحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية " الحاقة - 17، ويمكن ان يصحح الخبر بأن الكرسي - كما سيجئ بيانه - يتحد مع العرش بوجه اتحاد ظاهر الشئ بباطنه.
وبذلك يصح عد حملة أحدهما حملة للآخر.
وفي تفسير العياشي أيضا عن معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: قلت: من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه قال: نحن أولئك الشافعون.
أقول: ورواه البرقي أيضا في المحاسن، وقد عرفت ان الشفاعة في الآية مطلقة تشمل الشفاعة التكوينية والتشريعية معا، فتشمل شفاعتهم عليهم السلام، فالرواية من باب الجري.