وجل: وسع كرسيه السماوات والأرض، قال: علمه.
وفيه أيضا عنه عليه السلام في الآية السماوات والأرض وما بينهما في الكرسي، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره.
أقول: ويظهر من الروايتين: ان الكرسي من مراتب علمه تعالى كما مر استظهاره، وفي معناهما روايات أخرى.
وكذا يظهر منهما ومما سيجئ: ان في الوجود مرتبة من العلم غير محدودة أعني ان فوق هذا العالم الذي نحن من أجزائها عالما آخر موجوداتها أمور غير محدودة في وجودها بهذه الحدود الجسمانية، والتعينات الوجودية التي لوجوداتنا، وهي في عين أنها غير محدودة معلومة لله سبحانه أي إن وجودها عين العلم، كما أن الموجودات المحدودة التي في الوجود معلومة لله سبحانه في مرتبة وجودها أي إن وجودها نفس علمه تعالى بها وحضورها عنده، ولعلنا نوفق لبيان هذا العلم المسمى بالعلم الفعلي فيما سيأتي من قوله تعالى: " وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض " يونس - 61.
وما ذكرناه من علم غير محدود هو الذي يرشد إليه قوله عليه السلام في الرواية، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره، ومن المعلوم ان عدم التقدير والتحديد ليس من حيث كثرة معلومات هذا العلم عددا، لاستحالة وجود عدد غير متناه، وكل عدد يدخل الوجود فهو متناه، لكونه أقل مما يزيد عليه بواحد، ولو كان عدم تناهي العلم أعني العرش لعدم تناهي معلوماته كثرة لكان الكرسي بعض العرش لكونه أيضا علما وإن كان محدودا، بل عدم التناهي والتقدير انما هو من جهة كمال الوجود اي ان الحدود والقيود الوجودية يوجب التكثر والتميز والتمايز بين موجودات عالمنا المادي، فتوجب انقسام الأنواع بالأصناف والافراد، والافراد بالحالات، والإضافات غير موجودة فينطبق على قوله تعالى: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " الحجر - 21، وسيجئ تمام الكلام فيه إنشاء الله تعالى.
وهذه الموجودات كما انها معلومة بعلم غير مقدر أي موجودة في ظرف العلم وجودا غير مقدر كذلك هي معلومة بحدودها، موجودة في ظرف العلم بأقدارها وهذا