الخطبة والتعريض فيها، والمعنى: ان ذكركم إياهن أمر مطبوع في طباعكم والله لا ينهى عن أمر تقضي به غريزتكم الفطرية ونوع خلقتكم، بل يجوزه، وهذا من الموارد الظاهرة في أن دين الاسلام مبني على أساس الفطرة.
قوله تعالى: ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله، العزم عقد القلب على الفعل وتثبيت الحكم بحيث لا يبقى فيه وهن في تأثيره الا ان يبطل من رأس، والعقدة من العقد بمعنى الشد. وفي الكلام تشبيه علقة الزوجية بالعقدة التي يعقد بها أحد الخيطين بالآخر بحيث يصيران واحدا بالاتصال، كأن حبالة النكاح تصير الزوجين واحدا متصلا، ثم في تعليق عقدة النكاح بالعزم الذي هو أمر قلبي إشارة إلى أن سنخ هذه العقدة والعلقة أمر قائم بالنية والاعتقاد فإنها من الاعتبارات العقلائية التي لا موطن لها إلا ظرف الاعتقاد والادراك، نظير الملك وسائر الحقوق الاجتماعية العقلائية كما مر بيانه في ذيل قوله تعالى: " كان الناس أمة واحدة الآية " البقرة - 213، ففي الآية استعارة وكناية، والمراد بالكتاب هو المكتوب أي المفروض من الحكم وهو التربص الذي فرضه الله على المعتدات.
فمعنى الآية: ولا تجروا عقد النكاح حتى تنقضي عدتهن، وهذه الآية تكشف أن الكلام فيها وفي الآية السابقة عليها أعني قوله تعالى: لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء الآية إنما هو في خطبة المعتدات وفي عقدهن، وعلى هذا فاللام في قوله:
النساء للعهد دون الجنس وغيره.
قوله تعالى: واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم " الخ " ايراد ما ذكر من صفاته تعالى في الآية، أعني العلم والمغفرة والحكم يدل على أن الأمور المذكورة في الآيتين وهي خطبة المعتدات والتعريض لهن ومواعدتهن سرا من موارد الهلكات لا يرتضيها الله سبحانه كل الارتضاء وإن كان قد أجاز ما أجازه منها.
قوله تعالى: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة، المس كناية عن المواقعة، والمراد بفرض الفريضة تسمية المهر، والمعنى: ان عدم مس الزوجة لا يمنع عن صحة الطلاق وكذا عدم ذكر المهر.
قوله تعالى: ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف،