كل من يحتاج إلى إمداده في طريق حياته ووجوده، ويعطيه ما يستحقه، وأن عطائه غير محظور ولا ممنوع من قبله تعالى إلا أن يمتنع ممتنع بسوء حظ نفسه، من قبل نفسه لا من قبله تعالى.
ومن المعلوم أن الانسان غير متمكن من تتميم هذه النقيصة من قبل نفسه فإن فطرته هي المؤدية إلى هذه النقيصة فكيف يقدر على تتميمها وتسوية طريق السعادة والكمال في حياته الاجتماعية؟.
وإذا كانت الطبيعة الانسانية هي المؤدية إلى هذا الاختلاف العائق للانسان عن الوصول إلى كماله الحري به وهي قاصرة عن تدارك ما أدت إليه وإصلاح ما أفسدته، فالاصلاح (لو كان) يجب أن يكون من جهة غير جهة الطبيعة، وهي الجهة الإلهية التي هي النبوة بالوحي، ولذا عبر تعالى عن قيام الأنبياء بهذا الاصلاح ورفع الاختلاف بالبعث ولم ينسبه في القرآن كله إلا إلى نفسه مع أن قيام الأنبياء كسائر الأمور له ارتباطات بالمادة بالروابط الزمانية والمكانية.
فالنبوة حالة إلهية (وإن شئت قل غيبية) نسبتها إلى هذه الحالة العمومية من الادراك والفعل نسبة اليقظة إلى النوم بها يدرك الانسان المعارف التي بها يرتفع الاختلاف والتناقض في حياة الانسان، وهذا الادراك والتلقي من الغيب هو المسمى في لسان القرآن بالوحي، والحالة التي يتخذها الانسان منه لنفسه بالنبوة.
ومن هناك يظهر أن هذا أعني تأدية الفطرة إلى الاجتماع المدي من جهة وإلى الاختلاف من جهة أخرى، وعنايته تعالى بالهداية إلى تمام الخلقة مبدء حجة على وجود النبوة وبعبارة أخرى دليل النبوة العامة.
تقريره: أن نوع الانسان مستخدم بالطبع، وهذا الاستخدام الفطري يؤديه إلى الاجتماع المدني وإلى الاختلاف والفساد في جميع شؤون حياته الذي يقضي التكوين والايجاد برفعه ولا يرتفع إلا بقوانين تصلح الحياة الاجتماعية برفع الاختلاف عنها، وهداية الانسان إلى كماله وسعادته بأحد أمرين: إما بفطرته وإما بأمر ورائه لكن الفطرة غير كافية فإنها هي المؤدية إلى الاختلاف فكيف ترفعها؟ فوجب أن يكون بهداية من غير طريق الفطرة والطبيعة، وهو التفهيم الإلهي غير الطبيعي المسمى