قال: " وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور - إلى أن قال - وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم " المائدة - 51.
والآيات تبين ان لهم شرائع وان لإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم كتبا، وأما كتاب نوح فقد عرفت ان الآية أعني قوله تعالى: كان الناس أمة واحدة " الخ "، بانضمامه إلى قوله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا الآية تدل عليه، وهذا الذي ذكرناه لا ينافي نزول الكتاب على داود عليه السلام، قال تعالى: " وآتينا داود زبورا " النساء - 163، ولا ما في الروايات من نسبة كتب إلى آدم، وشيث، وإدريس، فإنها كتب لا تشتمل على الاحكام والشرائع.
واعلم أن من لوازم النبوة الوحي وهو نوع تكليم الهي تتوقف عليه النبوة قال تعالى: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " النساء - 163، وسيجئ استيفاء البحث عن معناه في سورة الشورى إنشاء الله.
(بحث روائي) في المجمع عن الباقر عليه السلام أنه قال: كان الناس قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله لا مهتدين ولا ضالين فبعث الله النبيين.
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليه السلام في الآية قال: وكان ذلك قبل نوح فقيل:
فعلى هدى كانوا؟ قال بل كانوا ضلالا، وذلك إنه لما انقرض آدم وصالح ذريته، وبقي شيث وصيه لا يقدر على اظهار دين الله الذي كان عليه آدم وصالح ذريته وذلك أن قابيل كان يواعده بالقتل كما قتل أخاه هابيل، فصار فيهم بالتقية والكتمان فازدادوا كل يوم ضلالة حتى لم يبق على الأرض معهم إلا من هو سلف، ولحق الوصي بجزيرة من البحر ليعبد الله فبدا لله تبارك وتعالى ان يبعث الرسل، ولو سئل هؤلاء الجهال لقالوا قد فرغ من الامر، وكذبوا، إنما هو شئ يحكم الله في كل عام ثم قرء:
فيها يفرق كل أمر حكيم، فيحكم الله تبارك وتعالى: ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك، - قلت أفضلالا كانوا قبل النبيين أم على هدى؟
قال: لم يكونوا على هدى، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها، لا تبديل لخلق الله، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله، أما تسمع بقول إبراهيم: لئن لم يهدني