فالطريق الذي يسلكه من غير سلم من خطوات الشيطان، واتباعه اتباع خطوات الشيطان.
فالآية نظيرة قوله تعالى: (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) البقرة - 169، وقد مر الكلام في الآية، وقوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) النور - 21، وقوله تعالى:
كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) الانعام - 142، والفرق بين هذه الآية وبين تلك أن الدعوة في هذه موجهة إلى الجماعة لمكان قوله تعالى:
كافة بخلاف تلك الآيات فهي عامة، فهذه الآية في معنى قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) آل عمران - 103، وقوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) الانعام - 153، ويستفاد من الآية أن الاسلام متكفل لجميع ما يحتاج إليه الناس من الاحكام والمعارف التي فيه صلاح الناس.
قوله تعالى: فإن زللتم من بعد ما جائتكم البينات، الزلة هي العثرة، والمعنى فإن لم تدخلوا في السلم كافة وزللتم - والزلة هي اتباع خطوات الشيطان - فاعلموا ان الله عزيز غير مغلوب في امره، حكيم لا يتعدى عما تقتضيه حكمته من القضاء في شأنكم فيقضي فيكم ما تقتضيه حكمته، ويجريه فيكم من غير أن يمنع عنه مانع.
قوله تعالى: هل ينظرون إلا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام (الخ)، الظلل جمع ظلة وهي ما يستظل به، وظاهر الآية ان الملائكة عطف على لفظ الجلالة، وفي الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة وتبديل خطابهم بخطاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالاعراض عن مخاطبتهم بأن هؤلاء حالهم حال من ينتظر ما أوعدناهم به من القضاء على طبق ما يختارونه من اتباع خطوات الشيطان والاختلاف والتمزق، وذلك بأن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، ويقضي الامر من حيث لا يشعرون، أو بحيث لا يعبئ بهم وبما يقعون فيه من الهلاك، وإلى الله ترجع الأمور، فلا مفر من حكمه وقضائه، فالسياق يقتضي ان يكون قوله: هل ينظرون، هو الوعيد الذي أوعدهم به في قوله