تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٨٥
من الكلأ والناس، وفلان فقير الرأس: أي لا شعر عليه، وقوله أقفر من أهله: أي هلك من أهله عبيد. وأن الحي إما أن يبدئ فعلا أو يعيده، فإذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة، فجعلوا قولهم لا يبدئ ولا يعبد مثلا في الهلاك كما يقال لا يأكل ولا يشرب: أي ميت. وقصة عبيد أن المنذر بن ماء السماء كان ملكا، فكان له يوم في السنة يذبح فيه أول من يلقى، فبينما هو يسير في ذلك اليوم إذ أشرف له عبيد بن الأبرص، فقال لرجل ممن كان معه من هذا الشقى؟ فقال: هو فلان، فقال له أنشدنا من شعرك، فقال: حال الجريض دون القريض. فقال الملك أنشدنا قولك:
أقفر من أهله ملحوب * فالقطبيات فالذنوب ثم أمر به فقتل، وملحوب اسم موضع، ومعنى الآية (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا).
(والمؤمن العائذات الطير يرقبها * ركبان مكة بين الغيل والسند) هو للنابغة من قصيدته الدالية المشهورة التي أرسل يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر، وأولها:
يا دار مية بالعلياء فالسند * أقوت وطال عليها سالف الأبد وقفت فيها أصيلانا أسائلها * عيت جوابا وما بالربع من أحد ومنها:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت * إلى حمام سراع وارد الثمد قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا * إلى حمامتنا أو نصفه فقد فحسبوه فألفوه كما زعمت * تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد فكملت مائة فيها حمامتنا * وأسرعت حسبة في ذلك العدد نبئت أن أبا قابوس أو عدني * ولا قرار على زأر من الأسد فلا لعمر الذي طيفت بكعبته * وما هريق على الأنصاب من جسد والمؤمن العائذات الطير يرقبها * ركبان مكة بين الغيل والسند ما إن أتيت بشئ أنت تكرهه * إذن فلا رفعت سوطي إلى يدي إذن فعاقبني ربى معاقبة * قرت بها عين من يأتيك بالحسد في سورة الملائكة عند قوله تعالى (وغرابيب سود) من حيث إن الغرابيب تأكيد للسود، يقال: أسود غربيب وأسود حلكوك، وهو الذي اشتد سواده وأغرب فيه ومنه الغراب، ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد كقولك: أصفر فاقع وأبيض يقق. والوجه في ذلك أن يضمر المؤكد قبله ويكون الذي بعده تفسيرا لما أضمر كما في البيت، وإنما يفعل ذلك لزيادة التأكيد حيث يدل على المعنى الواحد من طريق الإظهار والإضمار: يعنى فيكون الأصل وسود غرابيب سود نحو: والمؤمن العائذات الطير، ونحوه:
* وبالطويل العمر عمرا حيدرا * (والبيت لا يبتنى إلا بأعمدة * ولا عماد إذا لم ترس أوتاد) هو للراقدة الأودي. في سورة ص عند قوله تعالى (ذو الأوتاد) أصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست