تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٨٦
فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر، وهى استعارة بليغة. وقيل الأوتاد هنا حقيقة. ففي التفسير أنه كان له أوتاد يربط عليها الناس يعذبهم بها، قال: والبيت لا يبتنى الخ. وما أحسن تشبيههم بيت الشعر ببيت الشعر، ولقد أحسن المعرى ما شاء في قوله:
حسنت نظم كلام توصفين به * ومنزلا بك معمورا من الخفر فالحسن يظهر في بيتين رونقه * بيت من الشعر أو بيت من الشعر وبعد البيت:
فإن تجمع أسباب وأعمدة * وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا أي أرادوا فإن كان تجئ بمعنى أراد كثيرا، ومنه قوله:
كدنا وكدت وتلك خير إرادة: لو عاد من زمن الصبابة ما مضى (ماذا أؤمل بعد آل محرق * تركوا منازلهم وبعد إياد جرت الرياح على مقر ديارهم * فكأنهم كانوا على ميعاد ولقد غنوا فيها بأنعم عيشة * في ظل ملك ثابت الأوتاد فإذا النعيم وكل ما يلهني به * يوما يصير إلى بلى ونفاد ومنها:
ولقد علمت لو أن علمي نافعي * أن السبيل سبيل ذي الأعواد) الأبيات للأسود بن يعفر من قصيدته المشهورة التي أولها:
نام الخلى وما أحس رقادي * والهم محتضر لدى وبادى من غير ما سقم ولكن شفنى * هم أراه قد أصاب فؤادي في سورة ص عند قوله تعالى (ذو الأوتاد) يقال غنينا بمكان كذا: أي أقمنا به: أي عاشوا وأقاموا في ديارهم بأنعم عيش في ظل ملك رأسي الأوتاد، وأما تغانوا فمعناه استغنى بعضهم عن بعض.
قال: كلانا غنى عن أخيه حياته * ونحن إذا متنا أشد تغانيا والغانية التي استغنت بزوجها، قال جميل:
أحب الأيامى إذ بثينة أيم * وأحببت لما أن غنيت الغوانيا (وقيدت نفسي في ذراك محبة * ومن وجد الإحسان قيدا تقييدا) هو للمتنبي من قصيدته الدالية المشهورة التي أولها:
لكل امرئ من دهره ما تعودا * وعادة سيف الدولة الطعن في العدا وقبل البيت: تركت الثرى خلفي لمن قل ماله * وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا في سورة ص عند قوله تعالى (وآخرين مقرنين في الأصفاد) والصفد: القيد، وسمى به العطاء لأنه ارتباط للمنعم عليه، ومنه قول علي رضي الله عنه " من برك فقد أسرك " ومنه ما يقال " " غل يدا مطلقها، وأرق رقبة معتقها " وفرقوا بين صفد وأصفد فقالوا صفده يصفده قيده وأصفده يصفده أعطاه، وإنما كان صفد بمعنى قيد وأصفد بمعنى أعطى، لأن القيد فيه ضيق فناسبه ضيق الحروف وقلتها، والعطاء كرم فناسبه سعة الحروف وكثرتها
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست