(بلغ المشارق والمغارب يبتغى * أسباب أمر من حكيم مرشد فأتى مغيب الشمس عند مآبها * في عين ذي خلب وثأط حرمد) في سورة الكهف عند قوله تعالى (حتى إذا بلغ مغرب الشمس) البيت لتبع الأكبر، وقبله:
قد كان ذو القرنين عمى مسلما * ملكا تدين له الملوك وتسجد بلغ المشارق الخ. الخلب بالضم: الحمأة، والحرمد: الطين الأسود، والثأظ أيضا: الحمأة، وفى المثل:
ثأطة مدت بماء، للرجل يشتد حمقه، لأن الثأطة إذا أصابها الماء ازدادت فسادا ورطوبة.
(واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت * إلى حمام سراع وارد الثمد) في سورة مريم عند قوله تعالى (وآتيناه الحكم صبيا) أراد بالحكم الحكمة، وهو الفهم للتوبة والفقه في الدين، ومنه قول النابغة: واحكم الخ. وأراد بالفتاة: زرقاء اليمامة التي يضرب بها المثل في حدة البصر، كانت حكيمة في كل شئ، نظرت إلى حمام من بعيد فقالت:
ليت الحمام ليه إلى حمامتيه * ونصفه قديه تم الحمام ميه وفيه يقول النابغة:
فحسبوه فألفوه كما وجدت * تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد وصفها بالإصابة بسرعة فيما يشكل في بادئ النظر وطلب من النعمان أن يحكم مصيبا بسرعة في أمره فلا يأخذه بقول الواشي ولا يشكل عليه ما قضى من ذلك بثاقب بصيرته، ولهذا كثرها وجعلها سراعا واردة الثمد ليكون أعون لسرعتها فيكون الحكم بالإصابة أعجب، وفى هذا التشبيه رفع من قدر الزرقاء، والحمام عند العرب: كل ذي طوق من الفواخت والقماري وساق حر والقطا والدواجن والوارشين وأشباه ذلك، الواحدة حمامة، ويقع على الذكر والأنثى فيقال حمامة ذكر وحمامة أنثى، وقال الزجاج: إذا أردت تصحيح المذكر قلت رأيت حماما على حمامة: أي ذكرا على أنثى، والعامة تخص الحمام بالدواجن، والبيت من قصيدة النابغة الدالية المشهورة التي أرسل يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر، وأولها:
يا دار مية بالعلياء فالسند * أقوت وطال عليها سالف الأمد وقفت فيها أصيلانا أسائلها * أعيت جوابا وما بالربع من أحد ومنها: فمن أطاعك فانفعه بطاعته * كما أطاعك واد لله على الرشد ومن عصاك فعاقبه معاقبة * تنهى الظلوم ولا تقعد على ضمد إلا لمثلك أو من أنت سابقه * سبق الجواد إذا استولى على أمد واحكم البيت، وبعده قالت الخ، وبعده فحسبوه الخ، وبعده:
فكلمت مائة فيها حمامتها * وأسرعت حسبة في ذلك العدد نبئت أن أبا قابوس أو عدني * ولا قرار على زأر من الأسد فلا لعمر الذي طيفت بكعبته * وما هريق على الأنصاب من جسد