تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٣٦٥
ألا رب من قلبي له الله ناصح * ومن قلبه لي في الظباء السوانح قال سيبويه في الكتاب: واعلم أنك إذا حذفت من المحلوف حرف الجر نصبته كما نصبت حقا إذا قلت إنك ذاهب حقا فالمحلوف به يؤكد بهذا الحديث كما تؤكد بالحق وتجر بحروف الإضافة كما تجر حق إذا قلت إنك ذاهب بحق وذلك قولك لله لأفعلن. وقال ذو الرمة: ألا رب من قلبي الخ. وقال الآخر: إذا ما الخبز تأدمه الخ.
(وإن الذي حانت بفلج دماؤهم * هم القوم كل القوم يا أم خالد) في سورة البقرة عند قوله تعالى (ذلك الكتاب) كما تقول هو الرجل: أي الكامل في الرجولية، يعنى أن اللام للجنس لعدم العهد ومثله يفيد الحصر، والبيت من أبيات الحماسة من أبيات أولها:
ألم تر أنى بعد عمرو ومالك * وعروة وابن الهول لست بخالد وكانوا بنى ساداتنا فكأنما * تساقوا على لوح سمام الأساود وما نحن إلا منهم غير أننا * كمنتظر ظمأ وآخر وارد هم ساعد الدهر الذي نتقى به * وما خير إلا أن تنوء بساعد أسود شرى لاقت أسود خفية * تساقت على لوح سمام الأساود قوله إن الذي أصله الذين فحذفت النون تخفيفا، ويروى وإن الألى. وحانت: هلكت. وفلج بفتح الفاء وسكون اللام وجيم: موضع بطريق البصرة، ودماؤهم: نفوسهم، والأساود جمع أسودة وأسودة جمع سواد وهو الشخص، وأراد بالأساود شخوص الموتى. وشرى بفتح المعجمة والراء: طريق في سلمى كثير الأسد. وأسود خفية مثل قولهم أسود حلية وهما مأسدتان، والسمام جمع سم.
(لحب المؤقدان إلى مؤسى * وجعدة إذ أضاءهما الوقود) في سورة البقرة عند قوله تعالى (يوقنون) حيث قرأ أبو حية النميري يؤقنون بالهمزة، قال في الكشاف:
وقرأ أبو حية النميري يؤقنون بالهمزة، جعل الضمة في جار الواو كأنها فيه فقلبها قلب واو وجوه وقتت، ونحوه:
لحب المؤقدان الخ انتهى. قال أبو علي في الحجة عن الأخفش قال: كان أبو حية النميري يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة وينشد البيت * لحب المؤقدان إلى مؤسى * الخ. وتقرير ذلك أن الحركة لما كانت تلى الواو في موسى صارت كأنها عليها، والواو إذا تحركت بالضم أبدلت منها الهمزة انتهى، والبيت لجرير، ومؤسى وجعدة ابناه، واللام في لحب للقسم، يقال حب فلان معناه حبب بالضم ثم أسكنت وأدغمت: يعنى أوقدوا نار الضيافة فأضاء وجوههما الوقود.
(أصم عن الشئ الذي لا أريده * وأسمع خلق الله حين أريد) في سورة البقرة عند قوله تعالى (صم بكم عمى) أي لما كانت حواسهم سليمة ولكن سدوها عن الإصاخة إلى الحق، وأبوا أن تنطق ألسنتهم وأن ينظروا بعيونهم، جعلوا كأنما إيفت مشاعرهم وانتفضت بناها التي بنيت عليها للإحساس والإدراك كقوله:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به * وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست