فلو أنا على حجر ذبحنا * جرى الدميان بالخبر اليقين دعى ماذا علمت سأتقيه * ولكن بالمغيب نبئينى ومنها البيتان المشهوران وهما:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى أضع العمامة تعرفونى وماذا يبتغى الشعراء منى * وقد جاوزت حد الأربعين (ونحر مشرق اللون * كأن ثدياه حقان) في سورة يونس عند قوله تعالى (مر كأن لم يدعنا) أي كأنه لم يدعنا فخفف وحذف ضمير الشأن، كقوله * كان ثدياه حقان * وإنما اعتبروا ضمير الشأن لأن حق الحروف المشبهة الدخول على المبتدأ والخبر ولو بعد التخفيف فإنه لا يبطل لا العمل، وعلى هذا لا حاجة إلى ضمير الشأن في قوله: كأن ثدياه حقان، وإنما التمثيل لمجرد بطلان العمل بالتخفيف، والنحر: موضع القلادة من الصدر، ومنه اشتقاق نحر البعير لأنه يطعن في نحره، والثدي معروف، والضمير في ثدياه يعود إلى النحر للزومه عليه، وحقان تثنية حقة، والأصل أن يقال حقتان لأن التاء الثابتة في الواحد تكون ثابتة في التثنية، ولو شدد كأن قال ثدييه بالنصب فلما خفف الشاعر بطل عملها، وقال ثدياه حقان.
(وكنت امرأ زمنا بالعراق * طويل الثواء طويل التغن فأنبئت قيسا ولم آته * على نأيه ساد أهل اليمن فجئتك مرتاد ما أخبروا * ولولا الذي خبروا لم ترن) هو للأعشى يمدح قيس بن معد يكرب وقوله:
وهذا الثناء وإني امرؤ * إليك بعمد قطعت العرن وحولي بكر وأشياعها * ولست خلافا لمن أو عدن في سورة يونس عند قوله تعالى (كأن لم تغن بالأمس) وعن مروان أنه قرأ على المنبر: كأن لم تتغن بالأمس، من قوله الأعشى * طويل الثواء طويل التغن * والأمس مثل في الوقت القريب كأنه قيل: لم تغن آنفا قطعت العرن: أي جور كل أحد. الثواء: الإقامة. والتغني: التلبث، كأن لم تغن بالأمس: أي كأن لم تلبث.
يقول الأعشى لممدوحه: كنت رجلا زمنا بالعراق طويل الإقامة والتبلث فيه، فأخبرت أن قيسا ممدوحه، والحال أنى لم آته قط على نأيه وبعد داره ساد أهل اليمن وجاد أهل الأرض، فجئتك من الزمانة مرتادا طالبا لما أخبروني، ولولا ذلك لم ترني ببابك وأرضك.
(ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق الجهل الجاهلينا) في سورة هود عند قوله تعالى (ولكني أراكم قوما تجهلون) أي تتسافهون على المؤمنين وتدعونهم أراذل.
يقول: ألا لا يسفه أحد علينا فنسفه فوق سفه السفهاء: أي فنجازيه على سفهه جزاء يزيد عليه فمسى جزاء الجهل جهلا للمشاكلة أو لازدواج الكلام كقوله (وجزاء سيئة سيئة مثلها - ومكروا ومكر الله) ونظيره قوله تعالى في هذه السورة (فإنا نسخر منكم) يعنى في المستقبل (كما تسخرون منا) الساعة. وقيل معناه: إن تستجهلونا فيما