أنها مكان لما أمكن تخيلها ولما صح وصفه بأنه في جهة ما فوق العرش ولما صحت أيضا إشارتهم إليه، فهم على ذلك يتخيلون أن الله تعالى ذات من الذوات الجسمانية التي وصفناها قريبا وأنه خلق العالم والعرش تحته فصار هو فوقه!! فهم إذا يتصورون ويتخيلون بأن الله تعالى قبل خلق هذا العالم وإيجاده من العدم كان له تحت!! وإذا كان له تحت فله فوق وأمام وخلف ويمين ويسار!!
فالعقدة الموجودة في عقول المجسمة والمشبهة هي أنهم لم يسلموا للشرع فلم يقولوا بان الله تعالى لا يمكن إدراكه وتصوره وأنه خارج عن كل ما يجول في الأوهام ويحوم في الخواطر والنفوس، ولو أنهم سلموا بوجوده سبحانه مع إقرارهم بأنه لا يمكن تصوره لنجوا وكانوا على عقيدة الاسلام الحقة عقيدة التنزيه!!
وقد جاءت نصوص عديدة في القرآن الكريم والسنة المطهرة الصحيحة تبطل المكان لله تعالى وبالتالي تبطل أن يتصور وجوده داخل العالم متصل به أو خارج العالم منفصل عنه وقد صرح بذلك أئمة أهل العلم، فمن تلك النصوص:
قول النبي (ص) في حديث الصحيحين: إن الله كتب كتابا لما قضى الخلق أن رحمته سبحانه سبقت غضبه فهو عنده فوق العرش.
(انظر البخاري 13 / 522 ومسلم 7 / 2104).
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (13 / 526) في شرح الحديث:
" والغرض منه الإشارة إلى أن اللوح المحفوظ فوق العرش ".