و قال العلامة أحمد شاكر في مقدمة الجزء الذي حققه ص (11):
(صحيح ابن حبان كتاب نفيس، جليل القدر، عظيم الفائدة، حرره مؤلفه أدق تحرير، و جوده أحسن تجويد، و حقق أسانيده و رجاله، و علل ما احتاج إلى تعليل من نصوص الأحاديث و أسانيدها، و توثق من صحة كل حديث اختاره على شرطه، و ما أظنه أخل بشيء مما التزم إلا ما يخطئ فيه البشر، و ما لا يخلو منه عالم محقق).
و نحن - بعد الدرس - نقول: إن هذا الصحيح الذي نقدمه الآن للقراء، فيه من المزايا ما يجعله بالفعل محط أنظار الدارسين الغيورين على السنة المطهرة، الساعين لجمعها و نشرها، فهو يجمع كل خصائص الكتب التي ألفت في بابه، و يزيد عليها:
1 - فهو المحاولة الثانية الجادة في تاريخنا العلمي لاستيعاب الأحاديث الصحيحة كلها في مصنف واحد، و اطراح ما سواها. لذلك فهو - برأينا - أكثر من نواة لمعلمة الحديث الصحيح التي آن وقت جمعها لتكون منار الهدى في يد كل مسلم، تجمع شعث الآراء، و توحد منهج الحياة، و تطرح أسباب الفرقة و الخلاف، إذ ليس لأحد قول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و إننا لنرجو الله تعالى أن يلهم الغيورين على ذلك العمل، و أن يهبهم القدرة على جمعها إنه خير مسؤول و أسرع من يجيب.
2 - لقد توج الإمام ابن حبان كل حديث بعنوان فقهي، استنبطه من نص الحديث - صنيع البخاري رحمه الله في صحيحه - و لكنه زاد عليه كثيرا، لأنه درس كل حديث أولا، و لأن عدد الأحاديث في صحيح ابن حبان تزيد على ما عند البخاري ثانيا.
و من تصفح العناوين يدرك القارئ مقدرة خارقة على النفاذ إلى النص و استشفاف مؤداه، و ذكاء مدهشا في صياغة العنوان الذي يدل على المحتوى و يوضح المقصود.