يقول: (و قد اعتبرنا حديث شيخ شيخ، على ما وصفنا من الاعتبار على سبيل الدين، فمن صح عندنا منهم أنه عدل احتججنا به، و قبلنا ما رواه، و أدخلناه في كتابنا هذا، و من صح عندنا أنه غير عدل بالاعتبار الذي وصفنا لم نحتج به، و أدخلناه في كتاب (المجروحين من المحدثين) بأحد أسباب الجرح) (1).
فابن حبان يعتد بهذه الشروط الآنفة الذكر في كل شيخ من رواة السند، و من ثم يحكم على الحديث بالصحة، و يدرجه في كتابه هذا، إذا استوفى الشروط المذكورة، أو يطرحه و يدرجه في (كتاب الضعفاء) إذا أخل بواحد منها، و هو في صنيعه هذا يعد نفسه إماما مجتهدا، لا يقلد أحدا من الأئمة الذين تقدموه، و لا يعبأ بمخالفتهم له فيما انتهى إليه، يقول: (فمن صح عندي منهم بالبراهين الواضحة، و صحة الاعتبار - على سبيل الدين - أنه ثقة احتججت به، و لم أعرج على قول من قدح فيه.
و من صح عندي بالدلائل النيرة، و الاعتبار الواضح - على سبيل الدين - أنه غير عدل، لم أحتج به، و إن وثقه بعض أئمتنا) (2).
و هذه الشروط التي شرطها ابن حبان لتصحيح الحديث في كتابه - و هي شروط دقيقة تتطلب جهدا كبيرا، و يقظة تامة، و إحاطة واسعة - قد التزمها، و وفى بها في عامة ما أدرجه في صحيحه هذا من الأحاديث، و لم يخل بذلك إلا فيما لا يخلو منه عالم أو كتاب من السهو و الغلط، أو من اختلاف الرأي في الجرح و التعديل، و التوثيق و التضعيف، و التعليل و الترجيح.
ترتيبه، و موقف العلماء منه:
إن ابن حبان الذي يعتقد أن في لزوم السنة (تمام السلامة، و جماع