إن كل من مارس هذا الفن يدرك الصعوبة الجسيمة التي يلقاها الباحث عن حديث في المسند، و بخاصة إذا كان هذا الحديث في مسند أبي هريرة مثلا، أو مسند عبد الله بن عمر، أو عبد الله بن عباس، دون استخدام الفهارس، و من البديهي أن هذه الفهارس لم تكن معروفة في عصر ابن حبان.
و لكي نتصور الأمر على شكل قريب من الواقع، بالنسبة إلى أسلوب الكتب و الأبواب، لا بد لنا من إجراء الموازنة التالية:
من المعلوم أن صحيح البخاري يتألف من سبعة و تسعين كتابا مجموع أبوابها (3731) بابا.
أما صحيح ابن حبان فيبتني على خمسة تقاسيم، تنطوي على أربع مئة نوع.
فهل يتصور عقلا أن البحث عن حديث في الأول أيسر و أسهل منه في الثاني لمن لم يتمرس أي الأسلوبين سابقا؟
الجواب النظري ليس لصالح الأسلوب الأول: أسلوب الكتب و الأبواب، فلماذا إذا وصفت طريقة ابن حبان بالعسر؟
و لو عدنا إلى عبارة الحافظ الذهبي و أمعنا النظر فيها لوجدنا أن الحكم الذي أطلقه على هذا الأسلوب حكم مستنبط من مقدمة الصحيح، و ليس حكما قائما على التجربة و الاختبار.
فالخطيب البغدادي المتوفى (463) ه - و الزمن بينه و بين ابن حبان قريب نسبيا - لم يطلع على كتب ابن حبان، و إنما تحدث عنها بأسف لضياعها، ففي أي ميدان جربت بعد ذلك طريقة ابن حبان، و من مارسها و طبقها فظهر له نجاحها أو عدمه؟