و في رأينا أن هذا الحكم غير صحيح، و إنما هو تسويغ لموقف غير عملي من جديد قد يكون مفيدا، دفعهم إليه الحرص و المحافظة على أسلوب ألفوه و تمرسوا به و عايشوه، حتى أصبح جزءا من شخصيتهم العلمية و هو المتبع في تصنيف أقدس ما يكون بعد كتاب الله العزيز الحميد.
لقد حكموا على هذه الطريقة دون أية ممارسة، و وصفوها بالعسر دون اختبار و تجريب، و لم يتبعها أحد بعد ابن حبان فماتت بعده.
أقوال العلماء في ابن حبان و مصنفاته:
مما لا يختلف فيه اثنان، أن من أكثر الناس معرفة بالرجل تلاميذه الذين تطول ملازمتهم له، لأنهم يطلعون على كل أحواله: في الرضي، و الغضب، و العسر، و اليسر، و المنشط، و المكره لذلك نبدأ بأقوال الحاكم في شيخه الإمام محمد بن حبان.
قال الحاكم: (أبو حاتم البستي القاضي كان من أوعية العلم في اللغة، و الفقه، و الحديث، و الوعظ، و من عقلاء الرجال صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لا يسبق إليه) (1).
و قال أيضا: (سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ - و ذكر كتاب المجروحين لأبي حاتم البستي - فقال: كان لعمر بن سعيد بن سنان ابن رحل في طلب الحديث، و أدرك هؤلاء الشيوخ، و هذا تصنيفه، و أساء القول في أبي حاتم.
قال الحاكم: أبو حاتم كبير في العلوم، و كان يحسد لفضله و تقدمه) (2).