فابن حبان إذا لم يكن سائحا في العالم الاسلامي، تخلبه الظواهر، و تخدعه المظاهر، و إنما كان باحثا عن العلم، متشوقا إلى الإحاطة بالحقائق، متطلعا إلى معرفة الأسباب و النتائج ليحكم عليها حكم العالم المجرب الخبير، و الناقد المتأني البصير. و لعلنا لا نجانب الحق إذا قلنا: إن قمة حصيلة هذه الرحلة المباركة كتابه العظيم (التقاسيم و الأنواع...) أو (صحيح ابن حبان).
صحيح ابن حبان:
إن الاسم الكامل الذي وضعه أبو حاتم لمصنفه العظيم هو: (المسند الصحيح على التقاسيم و الأنواع، من غير وجود قطع في سندها، و لا ثبوت جرح في ناقليها).
غير أن العلماء الذين تعرضوا لذكره في مصنفاتهم اختلفوا في تسميته. و كل منهم قد أطلق عليه جزءا من هذه التسمية الطويلة. فالذهبي ينقل عن الإدريسي قوله: (صنف - يعني ابن حبان - المسند الصحيح) (1) و يذكره في الصفحة نفسها باسم (الأنواع) و يقول فيها أيضا: (و في صحيحه) أي: صحيح ابن حبان. بينما يطلق عليه في (تذكرة الحفاظ) (2) اسم (الأنواع) و (كتاب الأنواع و التقاسيم).
و أما أبو عمرو بن الصلاح فقد أطلق عليه في (مقدمته) اسم (صحيح أبي حاتم ابن حبان) و سماه العراقي (صحيح ابن حبان) و قال أيضا:
(و صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي)، المسمى ب (التقاسيم و الأنواع). و أطلق عليه محمد بن إسماعيل الصنعاني في كتاب (توضيح