ويعزم على أداء الواجب فيما بعد.
فأما القول في أن التوبة تسقط العذاب فعندنا إن العقل يقتضى قبح العقاب بعد التوبة، وخالف أكثر المرجئة في ذلك من الامامية وغيرهم، واحتج أصحابنا بقبح عقوبة المسئ إلينا بعد ندمه واعتذاره وتنصله، والعلم بصدقه والعلم بأنه عازم على ألا يعود.
فأما القول في وجوب التوبة على العصاة، فلا ريب أن الشرع يوجب ذلك، فأما العقل فالقول فيه إنه لا يخلو المكلف إما أن يعلم أن معصيته كبيرة، أو يعلم إنها صغيرة، أو يجوز فيها كلا الامرين، فإن علم كونها كبيرة وجب عليه في العقول التوبة منها، لان التوبة مزيلة لضرر الكبيرة، وإزالة المضار واجبة في العقول، وإن جوز كونها كبيرة وجوز كونها صغيرة، لزمه أيضا في العقل التوبة منها، لأنه يأمن بالتوبة من مضرة مخوفة، وفعل ما يؤمن من المضار المخوفة واجب، وإن علم أن معصيته صغيرة، وذلك كمعاصي الأنبياء، وكمن عصى ثم علم بإخبار نبي إن معصيته صغيرة محبطة، فقد قال الشيخ أبو علي: إن التوبة منها واجبة في العقول، لأنه إن لم يتب كان مصرا والاصرار قبيح.
وقال الشيخ أبو هاشم: لا تجب التوبة منها في العقل بالشرع، لان فيها مصلحة يعلمها الله تعالى، قال: إنه يجوز أن يخلو الانسان من التوبة عن الذنب، ومن الاصرار عليه، لان الاصرار عليه هو العزم على معاودة مثله، والتوبة منه أن يكره معاودة مثله مع الندم على ما مضى، ويجوز أن يخلو الانسان من العزم على الشئ، ومن كراهته.
ومال شيخنا أبو الحسين رحمه الله إلى وجوب التوبة هاهنا عقلا، لدليل غير دليل أبى على رحمه الله.