شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢٠ - الصفحة ٦٠
ما يتوب منه المكلف، إما أن يكون فيه لآدمي، حق أو لا حق فيه لآدمي فما ليس للآدمي فيه حق فنحو ترك الصلاة، فإنه لا يجب فيه إلا الندم والعزم على ما قدمنا وما لآدمي فيه حق على ضربين: أحدهما أن يكون جناية عليه في نفسه أو أعضائه أو ماله أو دينه، والاخر ألا يكون جناية عليه في شئ من ذلك، فما كان جناية عليه في نفسه أو أعضائه، أو ماله فالواجب فيه الندم والعزم، وأن يشرع في تسليم بدل ما أتلف، فإن لم يتمكن من ذلك لفقر أو غيره عزم على ذلك إذا تمكن منه، فإن مات قبل التمكن لم يكن من أهل العقاب، وإن جنى عليه في دينه بان يكون قد أضله بشبهة استزله، بها فالواجب عليه مع الندم العزم والاجتهاد في حل شبهته من نفسه، فإن لم يتمكن من الاجتماع به عزم على ذلك إذا تمكن، فإن مات قبل التمكن، أو تمكن منه واجتهد في حل الشبهة فلم تنحل من نفس ذلك الضال، فلا عقاب عليه، لأنه قد استفرغ جهده، فإن كانت المعصية غير جناية نحو أن يغتابه أو يسمع غيبته فإنه يلزمه الندم والعزم، ولا يلزمه أن يستحله أو يعتذر إليه، لأنه ليس يلزمه أرش (1) لمن اغتابه فيستحله، ليسقط عنه الأرش، ولا غمه فيزيل غمه بالاعتذار، وفى ذكر الغيبة له ليستحله فيزيل غمه منها إدخال غم عليه، فلم يجز ذلك، فإن كان قد أسمع المغتاب غيبته فذلك جناية عليه، لأنه قد أوصل إليه مضرة الغم، فيلزمه إزالة ذلك بالاعتذار

(1) الأرش: دية الجراحات، وقيل هو الجراحات نفسها تكون على قدر معلوم.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست