(146) الأصل:
وقال (عليه السلام) لرجل سأله أن يعظه:
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويرجو التوبة بطول الامل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطى منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتى، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى ولا ينتهى، ويأمر الناس بما لم يأت.
يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت من أجله، إن سقم ظل نادما، وإن صح أمن لاهيا. يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلى! وإن أصابه بلاء دعا مضطرا، وإن ناله رخاء أعرض مغترا، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله.
إن استغنى بطر وفتن، وإن افتقر قنط ووهن، يقصر إذا عمل، ويبالغ إذا سأل، إن عرضت له شهوة أسلف المعصية، وسوف التوبة، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة.
يصف العبرة، ولا يعتبر ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ، فهو بالقول مدل ومن العمل مقل.
ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرما، والغرم مغنما، يخشى الموت، ولا يبادر الفوت، يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه