شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٥١
فيخاف من إفشاء السر إليهم أن تنقدح في قلوبهم شبهة بأدنى خاطر، فإن مقام المعرفة مقام خطر صعب لا يثبت تحته إلا الافراد من الرجال، الذين أيدوا بالتوفيق والعصمة.
وثالثها: رجل صاحب لذات وطرب مشتهر بقضاء الشهوة، فليس من رجال هذا الباب.
ورابعها: رجل عرف بجمع المال وادخاره، لا ينفقه في شهواته ولا في غير شهواته، فحكمه حكم القسم الثالث.
ثم قال (عليه السلام): " كذلك يموت العلم بموت حاميه "، أي إذا مت مات العلم الذي في صدري، لأني لم أجد أحدا أدفعه، إليه، وأورثه إياه. ثم استدرك فقال:
" اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله تعالى " كيلا يخلو الزمان ممن هو مهيمن لله تعالى على عباده، ومسيطر عليهم، وهذا يكاد يكون تصريحا بمذهب الإمامية، إلا أن أصحابنا يحملونه على أن المراد به الابدال الذين وردت الاخبار النبوية عنهم أنهم في الأرض سائحون، فمنهم من يعرف، ومنهم من لا يعرف، وإنهم لا يموتون حتى يودعوا السر، وهو العرفان عند قوم آخرين يقومون مقامهم.
ثم استنزر عددهم فقال: " وكم ذا! " أي كم ذا القبيل! وكم ذا الفريق!
ثم قال: " وأين أولئك! " استبهم مكانهم ومحلهم.
ثم قال: " هم الأقلون عددا، الأعظمون قددا ".
ثم ذكر أن العلم هجم بهم على حقيقة الامر، وانكشف لهم المستور المغطى، وباشروا راحة اليقين وبرد القلب وثلج العلم، واستلانوا ما شق على المترفين من الناس، ووعر عليهم نحو التوحد ورفض الشهوات وخشونة العيشة.
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407