من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن.
اللغو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء، يحكم على غيره لنفسه، ولا يحكم عليها لغيره، يرشد نفسه ويغوي غيره (١)، فهو يطاع ويعصى، ويستوفى ولا يوفى، ويخشى الخلق في غير ربه، ولا يخشى ربه في خلقه.
* * * قال الرضى رحمه الله تعالى:
ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة، وحكمة بالغة، وبصيرة لمبصر، وعبرة لناظر مفكر.
* * * الشرح:
كثير من الناس يرجون الآخرة بغير عمل، ويقولون: رحمه الله واسعه، ومنهم من يظن أن التلفظ بكلمتي الشهادة كاف في دخول الجنة، ومنهم من يسوف نفسه بالتوبة، ويرجئ الأوقات من اليوم إلى غد، وقد يخترم على غرة فيفوته ما كان أمله، وأكثر هذا الفصل للنهي عن أن يقول الانسان واعظا لغيره ما لم يعلم هو من نفسه، كقوله تعالى:
﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم﴾ (2).
فأول كلمة قالها (عليه السلام) في هذا المعنى من هذا الفصل قوله: " يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين ".