(٧٧) ومن وصى) له ﴿عليه السلام) لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج: لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون... ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا.
* * * الشرح:
هذا الكلام لا نظير له في شرفه وعلو معناه، وذلك أن القرآن كثير الاشتباه، فيه مواضع يظن في الظاهر أنها متناقضة متنافية، نحو قوله: " لا تدركه الابصار﴾ (١) وقوله: ﴿إلى ربها ناظرة﴾ (٢)، ونحو قوله: ﴿وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون﴾ (٣) قوله: ﴿فأما ثمود فهديناهم، فاستحبوا العمى على الهدى﴾ (4)، ونحو ذلك، وهو كثير جدا، وأما السنة فليست كذلك، وذلك لان الصحابة كانت تسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتستوضح منه الاحكام في الوقائع، وما عساه يشتبه عليهم من كلامهم، يراجعونه فيه، ولم يكونوا يراجعونه في القرآن إلا فيما قل بل كانوا يأخذونه منه تلقفا، وأكثرهم لا يفهم معناه،