(145) الأصل:
هلك امرؤ لم يعرف قدره.
* * * الشرح:
هذه الكلمة من كلماته المعدودة. وكتب النعمان بن عبد الله إلى القاسم بن عبيد الله كتابا يدل فيه بخدمته، ويستزيد في رزقه، فوقع على ظهره: رحم الله امرأ عرف قدره! أنت رجل قد أعجبتك نفسك فلست تعرفها، فإن أحببت أن أعرفكها عرفتك.
فكتب إليه النعمان كنت كتبت إلى الوزير أعزه الله كتابا أستزيده في رزقي، فوقع على ظهره توقيع ضجر لم يخرج فيه مع ضجره عما ألفته من حياطته وحسن نظره، فقال:
إنه قد حدث لعبده عجب بنفسه، وقد صدق - أعلى الله قدره - لقد شرفني الوزير بخدمته، وأعلى ذكرى بجميل ذكره، ونبه على كفايتي باستكفائه، ورفعني وكثرني (1) عند نفسي، فإن أعجبت فبنعمته عندي، وجميل تطوله على، ولا عجب، وهل خلا الوزير من قوم يصطنعهم بعد ملة ويرفعهم بعد خمول، ويحدث لهم همما رفيعة وأنفسا عليه، وفيهم شاكر وكفور، وأرجو أن أكون أشكرهم للنعمة، وأقومهم بحقها.
وقد أطال الله بقاءه: إن عرف نفسه وإلا عرفناه إياها، فما أنكرها، وهي نفس أنشأتها نعمة الوزير وأحدثت فيها ما لم تزل تحدثه في نظرائها من سائر عبيده وخدمه، والله يعلم ما يأخذ به نفسه من خدمة مولاه وولى نعمته، إما عادة ودربة وإما تأدبا وهيبة، وإما شكرا واستدامة للنعمة.
فلما قرأ القاسم بن عبيد الله كتابه استحسنه، وزاد في رزقه