شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٥٠
ثم قال (عليه السلام): " هلك خزان المال وهم أحياء وذلك لان المال المخزون لا فرق بينه وبين الصخرة المدفونة تحت الأرض، فخازنه هالك لا محالة، لأنه لم يلتذ بإنفاقه، ولم يصرفه في الوجوه التي ندب الله تعالى إليها، وهذا هو الهلاك المعنوي، وهو أعظم من الهلاك الحسى.
ثم قال: " والعلماء باقون ما بقي الدهر "، هذا الكلام له ظاهر وباطن فظاهره قوله:
" أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة "، أي آثارهم وما دونوه من العلوم، فكأنهم موجودون، وباطنه أنهم موجودون حقيقة لا مجازا، على قول من قال ببقاء الأنفس، وأمثالهم في القلوب كناية ولغز، ومعناه ذواتهم في حظيرة القدوس، والمشاركة بينها وبين القلوب ظاهرة، لان الامر العام الذي يشملها هو الشرف، فكما أن تلك أشرف عالمها، كذا القلب أشرف عالمه، فاستعير لفظ أحدهما وعبر به عن الاخر.
قوله (عليه السلام): " ها إن هاهنا لعلما جما، وأشار بيده إلى صدره "، هذا عندي إشارة إلى العرفان والوصول إلى المقام الأشرف الذي لا يصل إليه إلا الواحد الفذ من العالم ممن لله تعالى فيه سر، وله به اتصال.
ثم قال: " لو أصبت له حملة! " ومن الذي يطيق حمله! بل من الذي يطيق فهمه فضلا عن حمله!
ثم قال: " بلى أصيب ".
ثم قسم الذي يصيبهم خمسه أقسام:
أحدهم أهل الرياء والسمعة، الذين يظهرون الدين والعلم ومقصودهم الدنيا، فيجعلون الناموس الديني شبكة لاقتناص الدنيا.
وثانيها: قوم من أهل الخير والصلاح ليسوا بذوي بصيرة في الأمور الإلهية الغامضة،
(٣٥٠)
مفاتيح البحث: الهلاك (3)، الرياء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407