(150) الأصل:
لا يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمان.
* * * الشرح:
قد تقدم كلامنا في الصبر.
وقالت الحكماء: الصبر ضربان: جسمي ونفسي، فالجسمي تحمل المشاق بقدر القوة البدنية، وليس ذلك بفضيلة تامه، ولذلك قال الشاعر:
والصبر بالأرواح يعرف فضله * صبر الملوك وليس بالأجسام وهذا النوع إما في الفعل كالمشي ورفع الحجر أو في رفع الانفعال كالصبر على المرض واحتمال الضرب المفظع. وأما النفسي ففيه تتعلق الفضيلة، وهو ضربان: صبر عن مشتهى، ويقال له: عفة، وصبر على تحمل مكروه أو محبوب. وتختلف أسماؤه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان في نزول مصيبة لم يتعد به اسم الصبر، ويضاده الجزع والهلع والحزن، وإن كان في احتمال الغنى سمى ضبط النفس، ويضاده البطر والأشر والرفغ وإن كان في محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن، وإن كان في إمساك النفس عن قضاء وطر الغضب سمى حلما، ويضاده التذمر والاستشاطة، وإن كان في نائبة مضجرة سمى سعة صدر، و يضاده الضجر وضيق العطن والتبرم، وإن كان في إمساك كلام في الضمير سمى كتمان السر، ويضاده الإفشاء، وإن كان عن فضول العيش سمى قناعة وزهدا ويضاده الحرص والشره. فهذه كلها أنواع الصبر، ولكن اللفظ العرفي واقع على الصبر الجسماني، وعلى ما يكون في نزول المصائب، وتنفرد (1) باقي الأنواع بأسماء تخصها.