ابن وهب جاءني ببردك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم إليك، فإن رضيت أمرا، وإلا سيرتني شهرين. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنزل أبا وهب فقال: لا والله أو تبين لي، قال: بل سر أربعة أشهر. فنزل صفوان وخرج معه إلى حنين وهو كافر، وأرسل إليه يستعير أدراعه - وكانت مائة درع - فقال: أطوعا أم كرها؟ فقال (عليه السلام) بل طوعا عارية مؤداة، فأعاره إياها، ثم أعادها إليه بعد انقضاء حنين والطائف، فلما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجعرانة يسير في غنائم هوازن ينظر إليها، فنظر صفوان إلى شعب هناك مملوء نعما وشاء ورعاء، فأدام النظر إليه ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرمقه، فقال: أبا وهب: يعجبك هذا الشعب! قال: نعم، قال: هو لك وما فيه.
فقال صفوان: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله (صلى الله عليه وسلم). قال الواقدي: فأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكان قد أسلم، وكان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوحي، فربما أملى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) " سميع عليم " فيكتب " عزيز حكيم " ونحو ذلك، ويقرأ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول: كذلك الله، ويقرأ فافتتن، وقال: والله ما يدرى ما يقول: إني لأكتب له ما شئت فلا ينكر، وإنه ليوحى إلى كما يوحى إلى محمد، وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا، فأهدر رسول الله دمه، وأمر بقتله يوم الفتح، فلما كان يومئذ جاء إلى عثمان - وكان أخاه من الرضاعة - فقال: يا أخي، إني قد أجرتك فاحتبسني هاهنا واذهب إلى محمد فكلمه في، فإن محمدا إن رآني ضرب عنقي، إن جرمي أعظم الجرم، وقد جئت تائبا، فقال عثمان: قم فاذهب معي إليه، قال: كلا، والله إنه إن رآني ضرب عنقي ولم يناظرني، قد أهدر دمى وأصحابه يطلبونني في كل موضع، فقال عثمان:
انطلق معي فإنه لا يقتلك إن شاء الله فلم يرع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا بعثمان