شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٨
وهو جالس في أصحابه، فلما نظر إليه قال: هذا ابن الزبعرى ومعه وجه فيه نور الاسلام، فلما وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: السلام عليك يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، والحمد لله الذي هداني للاسلام، لقد عاديتك وأجلبت عليك، وركبت الفرس والبعير، ومشيت على قدمي في عداوتك، ثم هربت منك إلى نجران، وأنا أريد ألا أقرب الاسلام أبدا، ثم أرادني الله منه بخير، فألقاه في قلبي، وحببه إلى، وذكرت ما كنت فيه من الضلال واتباع ما لا ينفع ذا عقل من حجر يعبد، ويذبح له لا يدرى من عبده ومن لا يعبده، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحمد لله الذي هداك للاسلام، احمد الله، إن الاسلام يجب ما كان قبله.
وأقام هبيرة بنجران، وأسلمت أم هاني، فقال هبيرة حين بلغه إسلامها يوم الفتح يؤنبها شعرا من جملته (1):
وإن كنت قد تابعت دين محمد * وقطعت الأرحام منك حبالها (2) فكوني على أعلى سحوق بهضبة (3) * ململمة غبراء يبس بلالها (4) فأقام بنجران حتى مات مشركا.
قال الواقدي: وهرب حويطب بن عبد العزى فدخل حائطا (5) بمكة، وجاء أبو ذر لحاجته، فدخل الحائط فرآه، فهرب حويطب، فقال أبو ذر: تعال فأنت آمن، فرجع إليه فقال:
أنت آمن، فاذهب حيث شئت، وإن شئت أدخلتك على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإن شئت فإلى منزلك. قال: وهل من سبيل إلى منزلي ألفي فأقتل قبل أن أصل إلى منزلي،

(1) من قصيدة له في ابن هشام 4: 42، وأولها:
أشاقتك هند أم أتاك سؤالها * كذاك النوى أسبابها وانفتالها (2) ابن هشام: " وعطفت الأرحام منك حبالها ".
(3) كذا في ا، وفى ب " سخوف "، وفى د: " سجوف ". وفى ابن هشام: " سحيق ".
(4) الململمة: المستديرة، والغبراء: التي علاها الغبار، واليبس: المكان اليابس.
(5) الحائط هنا: البستان.
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 5 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407