وهو جالس في أصحابه، فلما نظر إليه قال: هذا ابن الزبعرى ومعه وجه فيه نور الاسلام، فلما وقف على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: السلام عليك يا رسول الله، شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، والحمد لله الذي هداني للاسلام، لقد عاديتك وأجلبت عليك، وركبت الفرس والبعير، ومشيت على قدمي في عداوتك، ثم هربت منك إلى نجران، وأنا أريد ألا أقرب الاسلام أبدا، ثم أرادني الله منه بخير، فألقاه في قلبي، وحببه إلى، وذكرت ما كنت فيه من الضلال واتباع ما لا ينفع ذا عقل من حجر يعبد، ويذبح له لا يدرى من عبده ومن لا يعبده، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الحمد لله الذي هداك للاسلام، احمد الله، إن الاسلام يجب ما كان قبله.
وأقام هبيرة بنجران، وأسلمت أم هاني، فقال هبيرة حين بلغه إسلامها يوم الفتح يؤنبها شعرا من جملته (1):
وإن كنت قد تابعت دين محمد * وقطعت الأرحام منك حبالها (2) فكوني على أعلى سحوق بهضبة (3) * ململمة غبراء يبس بلالها (4) فأقام بنجران حتى مات مشركا.
قال الواقدي: وهرب حويطب بن عبد العزى فدخل حائطا (5) بمكة، وجاء أبو ذر لحاجته، فدخل الحائط فرآه، فهرب حويطب، فقال أبو ذر: تعال فأنت آمن، فرجع إليه فقال:
أنت آمن، فاذهب حيث شئت، وإن شئت أدخلتك على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإن شئت فإلى منزلك. قال: وهل من سبيل إلى منزلي ألفي فأقتل قبل أن أصل إلى منزلي،