وفي قوله: " وتسترحمه ليرحمك " إشارة إلى قوله: ﴿وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾ (١).
وفي قوله: " ولم يمنعك إن أسأت من التوبة " إشارة إلى قوله: ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾ (2).
الأصل:
واعلم يا بنى أنك إنما خلقت للآخرة لا للدنيا، وللفناء لا للبقاء، وللموت لا للحياة، وإنك في منزل قلعة، ودار بلغة، وطريق إلى الآخرة، وأنك طريد الموت الذي لا ينجو هاربه، ولا يفوته طالبه، ولا بد أنه مدركه، فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة، قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة، فيحول بينك وبين ذلك، فإذا أنت قد أهلكت نفسك.
يا بنى، أكثر من ذكر الموت وذكر ما تهجم عليه، وتفضي بعد الموت إليه، حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك، وشددت له أزرك، ولا يأتيك بغتة فيبهرك.
وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها، وتكالبهم عليها، فقد نبأك الله عنها، ونعتت لك نفسها، وتكشفت لك عن مساويها، فإنما أهلها كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر بعضها على بعض، ويأكل عزيزها ذليلها، ويقهر كبيرها صغيرها.