الأصل:
يا بني، اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك، فاحبب لغيرك ما تحب لنفسك، وأكره له ما تكره لها، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم، وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك، وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم، ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك.
واعلم أن الاعجاب ضد الصواب، وآفة الألباب، فاسع في كدحك، ولا تكن خازنا لغيرك، وإذا أنت هديت لقصدك، فكن أخشع ما تكون لربك.
الشرح:
جاء في الحديث المرفوع: " لا يكمل إيمان عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره لأخيه ما يكره لنفسه ". وقال بعض الأسارى لبعض الملوك: افعل معي ما تحب أن يفعل الله معك، فأطلقه، وهذا هو معنى قوله عليه السلام: " ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم ".
وقوله: " وأحسن " من قول الله تعالى: (وأحسن كما أحسن الله إليك) (2).
وقوله: " واستقبح من نفسك "، سئل الأحنف عن المروءة، فقال: أن تستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك. وروي: " وارض من الناس لك " وهي أحسن.
وأما العجب وما ورد في ذمه فقد قدمنا فيه قولا مقنعا.