يبلغه، فكل ما بعد الستين أقل مما مضى فلا جرم يكون العمر قد أدبر.
قوله: " المستسلم للدهر "، هذا آكد من قوله: " المقر للزمان " لأنه قد يقر الانسان لخصمه ولا يستسلم.
قوله: " الذام للدنيا " هذا وصف لم يستحدثه عند الكبر، بل لم يزل عليه، ولكن يجوز أن يزيد ذمه لها، لان الشيخ تنقص قواه التي يستعين بها على الدنيا والدين جميعا، ولا يزال يتأفف من الدنيا.
قوله: " الساكن مساكن الموتى "، إشعار بأنه سيموت، وهذا من قوله تعالى: (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) (1).
قوله: " الظاعن عنها غدا "، لا يريد الغد بعينه، بل يريد قرب الرحيل والظعن.
وهذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السلام كلام من قد أيقن بالفراق، ولا ريب في ظهور الاستكانة والخضوع عليه، ويدل أيضا على كرب وضيق عطن، لكونه لم يبلغ أربه من حرب أهل الشام، وانعكس ما قدره بتخاذل أصحابه عنه، ونفوذ حكم عمرو بن العاص فيه لحمق أبى موسى وغباوته وانحرافه أيضا.
قوله: " إلى المولود "، هذه اللفظة بإزاء " الوالد ".
قوله: " المؤمل ما لا يدرك "، لو قال قائل: إنه كنى بذلك عن أنه لا ينال الخلافة بعد موتى وإن كان مؤملا لها لم يبعد، ويكون ذلك إخبارا عن غيب، ولكن الأظهر أنه لم يرد ذلك، وإنما أراد جنس البشر لا خصوص الحسن، وكذلك سائر الأوصاف التي تلي هذه اللفظة لا تخص الحسن عليه السلام بعينه، بل هي وإن كانت له في الظاهر بل هي للناس كلهم في الحقيقة، أ لا ترى إلى قوله بعدها: " السالك سبيل من قد هلك "، فإن كل واحد من الناس يؤمل أمورا لا يدركها، وكل واحد من الناس سالك سبيل من هلك قبله