شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٥٣
يبلغه، فكل ما بعد الستين أقل مما مضى فلا جرم يكون العمر قد أدبر.
قوله: " المستسلم للدهر "، هذا آكد من قوله: " المقر للزمان " لأنه قد يقر الانسان لخصمه ولا يستسلم.
قوله: " الذام للدنيا " هذا وصف لم يستحدثه عند الكبر، بل لم يزل عليه، ولكن يجوز أن يزيد ذمه لها، لان الشيخ تنقص قواه التي يستعين بها على الدنيا والدين جميعا، ولا يزال يتأفف من الدنيا.
قوله: " الساكن مساكن الموتى "، إشعار بأنه سيموت، وهذا من قوله تعالى: (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) (1).
قوله: " الظاعن عنها غدا "، لا يريد الغد بعينه، بل يريد قرب الرحيل والظعن.
وهذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السلام كلام من قد أيقن بالفراق، ولا ريب في ظهور الاستكانة والخضوع عليه، ويدل أيضا على كرب وضيق عطن، لكونه لم يبلغ أربه من حرب أهل الشام، وانعكس ما قدره بتخاذل أصحابه عنه، ونفوذ حكم عمرو بن العاص فيه لحمق أبى موسى وغباوته وانحرافه أيضا.
قوله: " إلى المولود "، هذه اللفظة بإزاء " الوالد ".
قوله: " المؤمل ما لا يدرك "، لو قال قائل: إنه كنى بذلك عن أنه لا ينال الخلافة بعد موتى وإن كان مؤملا لها لم يبعد، ويكون ذلك إخبارا عن غيب، ولكن الأظهر أنه لم يرد ذلك، وإنما أراد جنس البشر لا خصوص الحسن، وكذلك سائر الأوصاف التي تلي هذه اللفظة لا تخص الحسن عليه السلام بعينه، بل هي وإن كانت له في الظاهر بل هي للناس كلهم في الحقيقة، أ لا ترى إلى قوله بعدها: " السالك سبيل من قد هلك "، فإن كل واحد من الناس يؤمل أمورا لا يدركها، وكل واحد من الناس سالك سبيل من هلك قبله

(1) سورة إبراهيم: 45.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268