صلى الله عليه وآله، ما تحقن به دماءها وتصلح به أمرها. والسلام.
وبعث بالكتاب مع الحارث بن سويد التيمي، تيم الرباب، وجندب الأزدي، فقدما على معاوية فدعواه إلى بيعة الحسن عليه السلام فلم يجبهما، وكتب جوابه:
أما بعد، فقد فهمت ما ذكرت به رسول الله، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله، وذكرت تنازع المسلمين الامر بعده، فصرحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر وأبى عبيدة الأمين، وصلحاء المهاجرين، فكرهت لك ذلك، إن الأمة لما تنازعت الامر بينها رأت قريشا أخلقها به (1)، فرأت قريش والأنصار وذوو الفضل والدين من المسلمين أن يولوا من قريش أعلمها بالله، وأخشاها له، وأقواها على الامر، فاختاروا أبا بكر ولم يألوا، ولو علموا مكان رجل غير أبى بكر يقوم مقامه ويذب عن حرم الاسلام ذبه ما عدلوا بالامر إلى أبى بكر، والحال اليوم بيني وبينك على ما كانوا عليه، فلو علمت أنك أضبط لأمر الرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأكيد للعدو، وأقوى على جمع الفئ، لسلمت لك الامر بعد أبيك، فإن أباك سعى على عثمان حتى قتل مظلوما، فطالب الله بدمه، ومن يطلبه الله فلن يفوته. ثم ابتز الأمة أمرها، وفرق جماعتها، فخالفه نظراؤه من أهل السابقة والجهاد والقدم في الاسلام، وادعى أنهم نكثوا بيعته، فقاتلهم فسفكت الدماء، واستحلت الحرم، ثم أقبل إلينا لا يدعى علينا بيعة، ولكنه يريد أن يملكنا اغترارا، فحاربناه وحاربنا، ثم صارت الحرب إلى أن اختار رجلا واخترنا رجلا، ليحكما بما تصلح عليه الأمة، وتعود به الجماعة والألفة، وأخذنا بذلك عليهما ميثاقا، وعليه مثله وعلينا مثله، على الرضا بما حكما، فأمضى الحكمان عليه الحكم بما علمت، وخلعاه، فوالله ما رضي بالحكم، ولا صبر لأمر الله، فكيف تدعوني إلى أمر إنما تطلبه بحق أبيك، وقد خرج منه! فانظر لنفسك ولدينك. والسلام.