شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٥
صلى الله عليه وآله، ما تحقن به دماءها وتصلح به أمرها. والسلام.
وبعث بالكتاب مع الحارث بن سويد التيمي، تيم الرباب، وجندب الأزدي، فقدما على معاوية فدعواه إلى بيعة الحسن عليه السلام فلم يجبهما، وكتب جوابه:
أما بعد، فقد فهمت ما ذكرت به رسول الله، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله، وذكرت تنازع المسلمين الامر بعده، فصرحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر وأبى عبيدة الأمين، وصلحاء المهاجرين، فكرهت لك ذلك، إن الأمة لما تنازعت الامر بينها رأت قريشا أخلقها به (1)، فرأت قريش والأنصار وذوو الفضل والدين من المسلمين أن يولوا من قريش أعلمها بالله، وأخشاها له، وأقواها على الامر، فاختاروا أبا بكر ولم يألوا، ولو علموا مكان رجل غير أبى بكر يقوم مقامه ويذب عن حرم الاسلام ذبه ما عدلوا بالامر إلى أبى بكر، والحال اليوم بيني وبينك على ما كانوا عليه، فلو علمت أنك أضبط لأمر الرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأكيد للعدو، وأقوى على جمع الفئ، لسلمت لك الامر بعد أبيك، فإن أباك سعى على عثمان حتى قتل مظلوما، فطالب الله بدمه، ومن يطلبه الله فلن يفوته. ثم ابتز الأمة أمرها، وفرق جماعتها، فخالفه نظراؤه من أهل السابقة والجهاد والقدم في الاسلام، وادعى أنهم نكثوا بيعته، فقاتلهم فسفكت الدماء، واستحلت الحرم، ثم أقبل إلينا لا يدعى علينا بيعة، ولكنه يريد أن يملكنا اغترارا، فحاربناه وحاربنا، ثم صارت الحرب إلى أن اختار رجلا واخترنا رجلا، ليحكما بما تصلح عليه الأمة، وتعود به الجماعة والألفة، وأخذنا بذلك عليهما ميثاقا، وعليه مثله وعلينا مثله، على الرضا بما حكما، فأمضى الحكمان عليه الحكم بما علمت، وخلعاه، فوالله ما رضي بالحكم، ولا صبر لأمر الله، فكيف تدعوني إلى أمر إنما تطلبه بحق أبيك، وقد خرج منه! فانظر لنفسك ولدينك. والسلام.

(1) في د " أحقها ".
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268