فاجتمع بنو هاشم وبنو أمية، وأعان هؤلاء قوم وهؤلاء قوم، وجاءوا بالسلاح، فقال أبو هريرة لمروان: أتمنع الحسن أن يدفن في هذا الموضع، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "! قال مروان: دعنا منك، لقد ضاع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان لا يحفظه غيرك وغير أبي سعيد الخدري!
وإنما أسلمت أيام خيبر، قال أبو هريرة: صدقت، أسلمت أيام خيبر، ولكنني لزمت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم أكن أفارقه، وكنت أسأله، وعنيت بذلك حتى علمت من أحب ومن أبغض، ومن قرب ومن أبعد، ومن أقر ومن نفى، ومن لعن ومن دعا له، فلما رأت عائشة السلاح والرجال، وخافت أن يعظم الشر بينهم، وتسفك الدماء، قالت: البيت بيتي، ولا آذن لأحد أن يدفن فيه، وأبى الحسين عليه السلام أن يدفنه إلا مع جده، فقال له محمد بن الحنفية: يا أخي، إنه لو أوصى أن ندفنه لدفناه أو نموت قبل ذلك، ولكنه قد استثنى، وقال: " إلا أن تخافوا الشر "، فأي شر يرى أشد مما نحن فيه! فدفنوه (1) في البقيع.
قال أبو الحسن المدائني وصل نعي الحسن عليه السلام إلى البصرة في يومين وليلتين، فقال الجارود: بن أبي سبرة (2):
إذا كان شر سار يوما وليلة * وإن كان خير أخر السير أربعا إذا ما بريد الشر أقبل نحونا * بإحدى الدواهي الربد سار وأسرعا وروى أبو الحسن المدائني، قال: خرج على معاوية قوم من الخوارج بعد دخوله الكوفة وصلح الحسن عليه السلام له فأرسل معاوية إلى الحسن عليه السلام يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج، فقال الحسن: سبحان الله! تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الأمة وألفتهم، أفتراني أقاتل معك! فخطب معاوية أهل الكوفة، فقال: يا أهل الكوفة،