استقر عليه رأى المتأخرين من أصحابنا أن عليا أرفع المسلمين كافة عند الله تعالى بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من الذكور والإناث، وفاطمة امرأة من المسلمين، وإن كانت سيدة نساء العالمين، ويدل على ذلك أنه قد ثبت أنه أحب الخلق إلى الله تعالى بحديث الطائر، وفاطمة من الخلق، وأحب الخلق إليه سبحانه أعظمهم ثوابا يوم القيامة، على ما فسره المحققون من أهل الكلام، وإن أريد بالأفضل الأشرف نسبا، ففاطمة أفضل لان أباها سيد ولد آدم من الأولين والآخرين، فليس في آباء علي عليه السلام مثله ولا مقارنه، وإن أريد بالأفضل من كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد عليه حنوا وأمس به رحما، ففاطمة أفضل، لأنها ابنته، وكان شديد الحب لها والحنو عليها جدا، وهي أقرب إليه نسبا من ابن العم، لا شبهه في ذلك.
فاما القول في أن عليا شرف بها أو شرفت به، فإن عليا عليه السلام كانت أسباب شرفه وتميزه على الناس متنوعة، فمنها ما هو متعلق بفاطمة عليها السلام، ومنها ما هو متعلق بأبيها صلوات الله عليه، ومنها ما هو مستقل بنفسه.
فأما الذي هو مستقل بنفسه، فنحو شجاعته وعفته وحلمه وقناعته وسجاحة أخلاقه وسماحة نفسه. وأما الذي هو متعلق برسول الله صلى الله عليه وآله فنحو علمه ودينه وزهده وعبادته، وسبقه إلى الاسلام وإخباره بالغيوب.
وأما الذي يتعلق بفاطمة عليها السلام فنكاحه لها، حتى صار بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله الصهر المضاف إلى النسب والسبب، وحتى إن ذريته منها صارت ذرية لرسول الله صلى الله عليه وآله، وأجزاء من ذاته عليه السلام، وذلك لان الولد أنما يكون من مني الرجل ودم المرأة، وهما جزآن من ذاتي الأب والام، ثم هكذا أبدا في ولد الولد ومن بعده من البطون دائما. فهذا هو القول في شرف علي عليه السلام بفاطمة.