قال المدائني: ودخل عليه سفيان بن أبي ليلى النهدي، فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين! فقال الحسن: اجلس يرحمك الله، إن رسول الله صلى الله عليه وآله رفع له ملك بني أمية، فنظر إليهم يعلون منبره واحدا فواحدا، فشق ذلك عليه فأنزل الله تعالى في ذلك قرآنا قال له: ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن﴾ (١). وسمعت عليا أبي رحمه الله يقول: سيلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم، كبير البطن، فسألته: من هو؟ فقال: معاوية. وقال لي: إن القرآن قد نطق بملك بني أمية ومدتهم، قال تعالى: ﴿ليلة القدر خير من ألف شهر﴾ (2)، قال أبى:
هذه ملك بني أمية.
قال المدائني: فلما كان عام الصلح، أقام الحسن عليه السلام بالكوفة أياما، ثم تجهز للشخوص إلى المدينة، فدخل عليه المسيب بن نجبة الفزاري وظبيان بن عمارة التيمي ليودعاه، فقال الحسن: الحمد لله الغالب على أمره، لو أجمع الخلق جميعا على ألا يكون ما هو كائن ما استطاعوا. فقال أخوه الحسين عليه السلام: لقد كنت كارها لما كان طيب النفس على سبيل أبي حتى عزم علي أخي، فأطعته، وكأنما يجذ أنفي بالمواسي، فقال المسيب: إنه والله ما يكبر علينا هذا الامر إلا أن تضاموا وتنتقصوا، فإما نحن، فإنهم سيطلبون مودتنا بكل ما قدروا عليه، فقال الحسين: يا مسيب، نحن نعلم أنك تحبنا، فقال الحسن عليه السلام: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من أحب قوما كان معهم "، فعرض له المسيب وظبيان بالرجوع، فقال: ليس [لي] (3) إلى ذلك سبيل، فلما كان من غد خرج، فلما صار بدير هند نظر إلى الكوفة، وقال، ولا عن قلى فارقت دار معاشري * هم المانعون حوزتي وذماري