فاذكرني لها، فأتاها أبو هريرة، فأخبرها الخبر، فقالت: اختر لي، فقال: أختار لك الحسن. فتزوجته، فقدم عبد الله بن عامر المدينة فقال للحسن، إن لي عند هند وديعة، فدخل إليها والحسن معه، فخرجت حتى جلست بين يدي عبد الله بن عامر، فرق لها رقة عظيمة (1)، فقال الحسن: أ لا أنزل لك عنها؟ فلا أراك تجد محللا خيرا لكما مني! قال: لا، ثم قال لها: وديعتي، فأخرجت سفطين فيهما جوهر، ففتحهما وأخذ من أحدهما قبضة وترك الاخر (2) عليها، وكانت قبل ابن عامر عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فكانت تقول: سيدهم جميعا الحسن، وأسخاهم ابن عامر، وأحبهم إلي عبد الرحمن بن عتاب.
وروى أبو الحسن المدائني، قال: تزوج الحسن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان المنذر بن الزبير يهواها، فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها، فخطبها المنذر، فأبت أن تتزوجه، وقالت: شهر بي! فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب، فتزوجها، فأبلغه المنذر عنها شيئا فطلقها، فخطبها المنذر، فقيل لها: تزوجيه، فقالت: لا والله ما أفعل، وقد فعل بي ما قد فعل مرتين، لا والله لا يراني في منزله أبدا.
وروى المدائني، عن جويرية بن أسماء، قال: لما مات الحسن عليه السلام، أخرجوا جنازته، فحمل مروان بن الحكم سريره، فقال له الحسين عليه السلام: تحمل اليوم جنازته وكنت بالأمس تجرعه الغيظ؟ قال مروان: نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال.
وروى المدائني عن يحيى بن زكريا، عن هشام بن عروة، قال: قال الحسن عند وفاته:
ادفنوني عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، إلا أن تخافوا أن يكون في ذلك شر، فلما أرادوا دفنه، قال مروان بن الحكم: لا يدفن عثمان في حش كوكب (3)، ويدفن الحسن ها هنا،