ومنها قوله (فربما أخطأ البصير قصده، وأصاب الأعمى رشده) من هذا النحو قولهم في المثل: (مع الخواطئ سهم صائب)، وقولهم: (رمية من غير رام) وقالوا في مثل اللفظة الأولى (الجواد يكبو، والحسام قد ينبو) وقالوا قد (يهفو الحليم، ويجهل العليم).
ومنها قوله: (أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته) مثل هذا: قولهم في الأمثال الطفيلية: (كل إذا وجدت، فإنك على الجوع قادر) ومن الأمثال الحكمية:
(ابدأ بالحسنة قبل السيئة، فلست بمستطيع للحسنة في كل وقت وأنت على الإساءة متى شئت قادر).
ومنها قوله (قطيعه الجاهل تعدل صله العاقل)، هذا حق، لان الجاهل إذا قطعك انتفعت ببعده عنك كما تنتفع بمواصلة الصديق العاقل لك، وهذا كما يقول المتكلمون:
عدم المضرة كوجود المنفعة، ويكاد أن يبتنى على هذا قولهم: كما أن فعل المفسدة قبيح من البارئ فالاخلال باللطف منه أيضا يجب أن يكون قبيحا.
ومنها قوله (من أمن الزمان خانه، ومن أعظمه أهانه) مثل الكلمة الأولى قول الشاعر:
ومن يأمن الدنيا يكن مثل قابض * على الماء خانته فروج الأنامل.
وقالوا: أحذر الدنيا ما استقامت لك. ومن الأمثال الحكمية: (من أمن الزمان ضيع ثغرا مخوفا). ومثل الكلمة الثانية قولهم: (الدنيا كالأمة اللئيمة المعشوقة، كلما ازددت لها عشقا وعليها تهالكا ازدادت إذلالا، وعليك شطاطا).
وقال أبو الطيب:
وهي معشوقة على الغدر لا * تحفظ عهدا ولا تتمم وصلا