وروى الزبير بن بكار، قال: كانت الخيزران كثيرا ما تكلم موسى ابنها - لما استخلف - في الحوائج: وكان يجيبها إلى كل ما تسأل، حتى مضت أربعة أشهر من خلافته وتتالى الناس عليها، وطمعوا فيها، فكانت المواكب تغدو إلى بابها، وكلمته يوما في أمر فلم يجد إلى إجابتها سبيلا، واحتج عليها بحجة فقالت: لا بد من إجابتي، فقال: لا أفعل، قالت: إني قد ضمنت هذه الحاجة لعبد الله بن مالك، فغضب موسى وقال: ويلي على ابن الفاعلة! قد علمت أنه صاحبها، والله لا قضيتها لك ولا له! قالت: والله لا أسألك حاجة أبدا قال إذن والله لا أبالي، فقامت مغضبة، فقال: مكانك تستوعبي كلامي، وأنا والله برئ من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله، لئن بلغني أنه وقف أحد من قوادي وخاصتي وخدمي وكتابي على بابك لأضربن عنقه، ولأقبضن ماله، فمن شاء فليلزم ذلك، ما هذه المواكب التي تغدو إلى بابك كل يوم! أما لك مغزل يشغلك، أو مصحف يذكرك، أو بيت يصونك! إياك ثم إياك أن تفتحي فاك في حاجة لملي أو ذمي. فانصرفت وما تعقل ما تطأ عليه، ولم تنطق عنده بحلوة ولا مرة بعدها حتى هلك.
* * * وأخذ هذه اللفظة منه وهي قوله: (إن المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة) الحجاج فقالها للوليد بن عبد الملك، روى ابن قتيبة في كتاب (عيون الأخبار) قال: دخل الحجاج على الوليد بن عبد الملك وعليه درع وعمامة سوداء وفرس عربية، وكنانة، وذلك في أول قدمة قدمها عليه من العراق، فبعثت أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان وهي تحت الوليد إليه، من هذا الأعرابي المستلئم في السلاح عندك وأنت في غلالة! فأرسل إليها: هذا الحجاج، فأعادت إليه الرسول: (فقال: تقول لك والله لان يخلو بك ملك الموت في اليوم أحيانا أحب