فإنه مخاطر لأنه لا يأمن أن يكون بعض تلك السيئات تحبط أعماله الصالحة، كما لا يأمن أن يكون بعض أعماله الصالحة يكفر تلك السيئات، والمراد أنه لا يجوز للمكلف أن يفعل إلا الطاعة أو المباح.
الرابع والعشرون قوله: " رب يسير أنمى من كثير "، قد جاء في الأثر: قد يجعل الله من القليل الكثير، ويجعل من الكثير البركة. وقال الفرزدق:
فإن تميما قبل أن يلد الحصا * أقام زمانا وهو في الناس واحد وقال أبو عثمان الجاحظ: رأينا بالبصرة أخوين، كان أبوهما يحب أحدهما ويبغض الاخر، فأعطى محبوبه يوم موته كل ماله - وكان أكثر من مائتي ألف درهم - ولم يعط الاخر شيئا، وكان يتجر في الزيت: ويكتسب منه ما يصرفه في نفقة عياله، ثم رأينا أولاد الأخ الموسر بعد موت الأخوين من عائلة ولد الأخ المعسر يتصدقون عليهم من فواضل أرزاقهم.
الأصل:
لا خير في معين مهين، ولا في صديق ظنين.
ساهل الدهر ما ذل لك قعوده، ولا تخاطر بشئ رجاء أكثر منه، وإياك أن تجمح بك مطية اللجاج.
احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة، وعند صدوده على اللطف والمقاربة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعند شدته على اللين، وعند جرمه على العذر، حتى كأنك له عبد، وكأنه ذو نعمة عليك.