وسابعها قوله: " وامحض أخاك النصيحة، حسنة كانت أو قبيحة "، ليس يعنى عليه السلام بقبيحة ها هنا القبيح الذي يستحق به الذم والعقاب، وإنما يريد نافعة له في العاجل كانت أو ضارة له في الاجل، فعبر عن النفع والضرر بالحسن والقبيح، كقوله تعالى:
﴿وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون﴾ (١).
وقد فسره قوم فقالوا: أراد: كانت نافعة لك أو ضارة لك، ويحتمل تفسير آخر وهو وصيته إياه أن يمحض أخاه النصيحة سواء كانت مما لا يستحيا من ذكرها وشياعها، أو كانت مما يستحيا من ذكرها واستفاضتها بين الناس، كمن ينصح صديقه في أهله ويشير عليه بفراقهم لفجور اطلع عليه منهم، فإن الناس يسمون مثل هذا إذا شاع قبيحا.
وثامنها قوله: " تجرع الغيظ فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذ مغبة " هذا مثل قولهم: الحلم مرارة ساعة، وحلاوة الدهر كله. وكان يقال: التذلل للناس مصايد الشرف.
قال المبرد في " الكامل ": أوصى علي بن الحسين ابنه محمد بن علي عليهم السلام، فقال: يا بنى، عليك بتجرع الغيظ من الرجال، فإن أباك لا يسره بنصيبه من تجرع الغيظ من الرجال حمر النعم، والحلم أعز ناصرا وأكثر عددا (٢).
وتاسعها قوله: " لن لمن غالظك، فإنه يوشك أن يلين لك "، هذا مثل المثل المشهور: " إذا عز أخوك فهن "، والأصل في هذا قوله تعالى: ﴿ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم﴾ (3).
وعاشرها قوله: " خذ على عدوك بالفضل فإنه أحد الظفرين " هذا معنى مليح، ومنه قول ابن هانئ في المعز (4):