بغضته إلى أيام أبى بكر وعثمان وعمر، وأشار عليه يوم بويع بالخلافة أن يقر معاوية على الشام مدة يسيرة، فإذا خطب له بالشام وتوطأت دعوته دعاه إليه كما كان عمر وعثمان يدعوانه إليهما، وصرفه فلم يقبل، وكان ذلك نصيحة من عدو كاشح.
واستشار الحسين عليه السلام عبد الله بن الزبير وهما بمكة في الخروج عنها، وقصد العراق ظانا أنه ينصحه فغشه، وقال له: لا تقم بمكة، فليس بها من يبايعك، ولكن دونك العراق، فإنهم متى رأوك لم يعدلوا بك أحدا، فخرج إلى العراق، حتى كان من أمره ما كان.
وخامس عشرها قوله: " إياك والاتكال على المنى، فإنها بضائع النوكى "، جمع أنوك وهو الأحمق، من هذا أخذ أبو تمام قوله:
من كان مرعى عزمه وهمومه * روض الأماني لم يزل مهزولا (1).
ومن كلامهم: ثلاثة تخلق العقل، وهو أوضح دليل على الضعف: طول التمني، وسرعة الجواب، والاستغراب (3) في الضحك. وكان يقال: التمني والحلم سيان. وقال آخر:
شرف الفتى ترك المنى.
وسادس عشرها قوله: " العقل حفظ التجارب " من هذا أخذ المتكلمون قولهم:
العقل نوعان: غريزي، ومكتسب، فالغريزي العلوم البديهية، والمكتسب ما أفادته التجربة وحفظته النفس.
وسابع عشرها قوله: " خير ما جربت ما وعظك "، مثل هذا قول أفلاطون: إذا لم تعظك التجربة فلم تجرب، بل أنت ساذج كما كنت.
وثامن عشرها قوله: " بادر الفرصة قبل أن تكون غصة "، حضر عبيد الله بن زياد عند هانئ بن عروة عائدا، وقد كمن له مسلم بن عقيل، وأمره أن يقتله إذا جلس