تلحن في عقوبة فإن أدناها وجيعة، ولا تسرعن إليها وأنت تكتفي بغيرها، واقبل من الناس علانيتهم، وكلهم إلى الله في سريرتهم، ولا تعرض عسكرك فتفضحه، وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
* * * وأوصى أبو بكر أيضا عكرمة بن أبي جهل حين وجهه إلى عمان، فقال: سر على اسم الله، ولا تنزلن على مستأمن، وقدم النذير بين يديك، ومهما قلت: إني فاعل فافعله، ولا تجعلن قولك لغوا في عقوبة ولا عفو، فلا ترجى إذا أمنت، ولا تخاف إذا خوفت. وانظر متى تقول ومتى تفعل، وما تقول وما تفعل، ولا تتوعدن في معصية بأكثر من عقوبتها، فإنك إن فعلت أثمت وإن تركت كذبت، واتق الله وإذا لقيت فاصبر.
* * * ولما ولى يزيد بن معاوية سلم بن زياد خراسان قال له: إن أباك كفى أخاه عظيما، وقد استكفيتك صغيرا، فلا تتكلن على عذر مني، فقد اتكلت على كفاية منك، وإياك منى من قبل أن أقول: إياك منك، واعلم أن الظن إذا أخلف منك أخلف فيك، وأنت في أدنى حظك، فاطلب أقصاه، وقد تبعك أبوك، فلا تريحن نفسك، واذكر في يومك أحاديث غدك.
وقال بعض الحكماء: ينبغي للأمير أن يكون له ستة أشياء: وزير يثق به، ويفشي إليه سره، وحصن إذا لجا إليه عصمه - يعنى فرسا - وسيف إذا نزل به الاقران لم يخف نبوته، وذخيرة خفيفة المحمل إذا نابته نائبة وجدها - يعني جوهرا - وطباخ إذا أقرى من الطعام صنع له ما يهيج شهوته، وامرأة جميلة إذا دخل أذهبت همه. في الحديث المرفوع: خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف،